ملاحظات حول الأدب
المقارن وأهمية دراسته
محمد شافعي كي في (باحث في جامعة جواهرلال نهرو، دلهي)
أحب أن أتقدم بخالص الشكر لمنظمي هذه الندوة لاختيارهم الأدب المقارن
موضوعا للنقاش لأن هذا الموضوع جديد يستحق البحث حقا. وأعتقد أن هذه الجلسة ستقدم للطلبة
عالما جديدا معجبا قلما تعرفوا عليه في حياتهم الأدبية.
أما الأدب المقارن فهو دراسة أوروبية
النشأة والاتجاه وهو فرع جديد من فروع
الأدب أخذت مظاهره تتجلى وتشرق في القرن العشرين وفي نصفه الثاني بشكل خاص. وقد
توسع هذا الفرع كثيرا في العقود الأخيرة حتى أصبحت تعاريفه التي قدمها الأدباء
والنقاد غير جامعة وغير مانعة. يقول الدكتور طه ندا في تعريف الأدب المقارن "الأدب المقارن بالاجمال دراسة الأدب القومي في علاقاته
التاريخية بغيره من الآداب كيف اتصل هذا الأدب بذلك الأدب، وكيف أثر كل منهما في
الآخر، ماذا أخذ هذا الأدب وماذا أعطى" ولكن هذا التعريف الذي بني على أساس
النظرية الفرنسية النقدية لا يسع لمعان تعطيها النظرية الأمريكية للأدب المقارن.
وطلوع
هذا الفرع الأدبي في العالم العربي يرتبط ارتباطا متينا بالشخصية البارزة الدكتور
محمد غنيمي هلال لاصداره كتابا في عام 1953 يحمل عنوانا " الأدب
المقارن" ويتناول هذا الأدب علميا ومنهجيا وهو يعد رائد الدراسات الأدبية
المقارنة في العالم العربي وقد وسع ثقافته وصقل علومه خلال حياته في الأرض
الفرنسية فتأثر بمبادئ المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن. ونجد في الأدب العربي قبل اصدار هذا العمل كتبا بنفس
العنوان مثل ما كتب عبد الرازق حميدة والدكتور ابراهيم سلامة بل هي كانت تقوم على اجتهادات
فردية لا تستند على أساس علمي منهجي ولا تقوم على ادراك واضح واستيعاب كامل لمفهوم
الأدب المقارن ومناهج دراسته. ومن الملاحظات التي يقدمها الدكتور غنيمي أنه لا
يندرج تحت بحث هذا الأدب "ما يعقد من مقارنة بين آداب ليست بينها صلة تاريخية
بل هو فقط بين الآداب التي فيما بينها علاقات التأثير والتأثر"
وعلى هذه الملاحظة يمكن القول إن
الأدب المقارن هو دراسة تاريخية تستخرج ما سبق تواجده بين الأداب وأعمالها من
علاقة ومشابهة وتأثرات وتأثيرات فيبدو لنا الأدب المقارن من هذا المضمار ميدانا
أقلَ رَحابة وأضيقَ مِساحة. ثم تناولت المدرسة الأمريكية هذه الظاهرةَ الأدبية
وجعلتها نقدية فوسعت ميادينها حيث أدخل فيها أهلها المقارنة بين فنون الأدب وبين
الفنون والعلوم الأخرى مثل موسيقى والفلسفة وغضوا أبصارهم عن العناصر الخارجية مثل
المؤثرات وأولوا اهتماما بالغا بالعناصر والقيم الداخلية.
واذا سرنا تَسيارا سريعا في أشياء
خلفتها النسخة العربية لهذا الأدب المقارن نلمح أهمية هذا النوع من الأدب وهي في
الواقع تفتح لنا بابا جميلا للتعرف - وربما الى حد التعمق – على حقيقة الأدب
العربي وفهم موقفه في المستوى العالمي.
وقد جرت كثيرا بين الأدب العربي
والأداب العالمية الأخرى تبادلات أدبية ملحوظة ملموسة فتلقى الأدب العربي منها
وأعطاها أيضا كما نجد الأدب الفارسي يتأثر بقافية الأدب العربي وهذا ما نلاحظ في
شخصية الشاعر الألماني "جوته" (Goethe) فقد تأثر بكل ما في الشرق من أديان وشعوب وآداب، ويبدو
من ديوانه " الديوان الشرقي للمؤلف الغربي " تأثره الشديد بالاسلام
والقرآن والأدب العربي والفارسي. أما ما أخذ الأدب العربي من الآداب العالمية
الأخرى فهو بكثير، بالرغم من أنه لم يتعرض لتلقي النظريات الأدبية الحديثة الا
متأخرا، بحيث لا نجد فنونه تتحرر من
عقال قيودها القديمة الا في نهاية القرن التاسع عشر أو في مستهل القرن العشرين.
ومنذ هذا الحد من الزمان أخذ الأدب
العربي يتشكل صورته العصرية وبدأ يتناول موضوعات حديثة ويكتسي ثيابا جديدة ولكن
هذه العملية – عملية التغير والتلقي – لم تكن تجري الا ببطء وتأن. وبعد الحرب
العالمية الثانية ازدادت العملية سرعة وشدة ووضعت نابها على الأدب العربي بكامله
واذا قلبنا صفحات الأدب المقارن نجد الناقد الأديب الكبير طه حسين يبني أساسا
لعمله النقدي "في الشعر الجاهلي" بالنظر الى طريقة ديكارت ونجد في خطوط
تلك الصفحات مدارس عربية أدبية تطلع وتلمع على أساس ثقافة أصحابها الواسعة وتأثرهم
العميق بالآداب الغربية والأجنبية. كما نلمح ذلك في دواوين نازك الملائكة وبدر
شاكر السياب من مدرسة الشعر الحر وفي
روايات جبران خليل جبران وأشعار رشيد خوري من مدرسة المهجر وفي النتاج النقدي
لعباس محمود العقاد وابراهيم عبد القادر المازني من مدرسة الديوان.
وبالجملة يساعدنا الأدب المقارن
العربي على تلقي المعرفة عن الآداب الأجنبية ومظاهرها الفنية وعلى تقييم الأدب
العربي حق التقييم ويوسع ثقافتنا الأدبية واللغوية والعلمية
وأحب
أخيرا أن أقدم مطالبة بسيطة مع احترام وتوقير الى أساتيذنا الكرام بمحاولتهم
لإدخال مادة "الأدب المقارن" في مقرراتنا الجامعية لتوسيع الطلبة
ثقافتهم بالإستفادة منها.
المصادر والمراجع:
1 د. طه ندا، الأدب المقارن، دار النهضة العربية،
1991
2 د. عبد الحميد ابراهيم، الأدب المقارن من منظور
الأدب العربي، دار الشروق، 1997
3 د. عبده عبود، الأدب المقارن مشكلات وآفاق،
اتحاد الكتاب العرب، 1999
4 فخري أبو السعود، في الأدب المقارن ومقالات
أخرى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997
5 د. محمد غنيمي
هلال، دور الأدب المقارن في توجيه دراسات الأدب العربي المعاصر، دار نهضة مصر،
6 د. محمد غنيمي هلال، دراسات أدبية مقارنة، دار
نهضة مصر،
تميم البرغوثي : الناسج قلبه على قضايا الأمة
(محمد علي الوافي كرواتل- محاضر كلية بافقيه للآداب والعلوم الإسلامية بولونور – ملابرم )
" لقد أبدع تميم البرغوثي في معارضته لمعلقة عمرو بن كلثوم أيما إبداع، فعمرو بن كلثوم الجاهلي كان ملتزماً في معلقته بقبيلته وقومه، وتميم الفلسطيني كان ملتزماً في قصيدته بقضية شعبه وأمته فالظروف قد تشابهت عند كلا الشاعرين، فهذا هو السبب في نجاح تميم وتفوقه على سائر زملائه الشعراء"[1]
نبذة عن الشاعر
هو شاعر عربي ولد بالقاهرة عام 1977 مولودا وحيدا للشاعر مريد البرغوثي وللروائية المصرية رضوى عاشور وقد حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن بأمريكا سنة 2004م وزاول مهنة التعليم والتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة حيث عمل هناك أستاذا، وفي الجامعة بَرلين الحرة فعمل هناك محاضرا، وعمل أيضا بقسم الشؤون السياسية بنيويورك وفي بعثة الأمم المتحدة في السودان كما عمل باحثا في العلوم السياسية بمعهد برلين. وهو الآن، على أساس المعلومات الأخيرة، يشغل منصب الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة جورج تاون بواشنطن.
أهم قصائده ومؤلفاته :
· ميجنا، عن بيت الشعر الفلسطيني برام الله عام 1999 وهو ديوان منشور باللهجة الفلسطينية
· المنظر، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2002 وهو ديوان منشور باللهجة المصرية
· قالوا لي بتحب مصر قلت مش عارف، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2005وهو ديوان منشور باللهجة المصرية
· مقام عراق، عن دار أطلس للنشر بالقاهرة عام 2005وهو ديوان منشور بالعربية الفصحى
· في القدس، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2009 وهو ديوان منشوربالعربية الفصحى
له كتابان في العلوم السياسية: الأول باللغة العربية بعنوان الوطنية الأليفة: الوفد وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار صدر عن دار الكتب والوثائق القوميةبالقاهرة ، عام 2007، والثاني باللغة الإنجليزية: The Umma and the Dawla: the Nation state and the Arab Middle East) عن مفهومي الأمة والدولة في العالم العربي صدر عن دار بلوتو للنشر بلندن ، عام 2008.
ازدادت شهرة هذا الشاعر إثر اشتراكه في برنامج أمير الشعراء الذي أذيع على تلفزيون أبوظبي مؤخرا، عرف بحضور القدس الدائم في شعره وانتصاره لقضية شعبه، والآن يعد هذا الشاب شاعر المأساة الفلسطينية ، لأنه يمثل حزن الأمة وأنينها في شعره بعد محمود درويش . وتلقى شعبه قصائده باهتمام بالغ وقبول حسن
قضية الأمة في شعره
القصيدة "في القدس" من أهم القصائد التي يشتمل عليها ديوانه "في القدس" ويتحدث فيها الشاعر طولا عن فلسطين، وقدسها بشكل خاص، ويعبر فيها عن غضبه على السياسة الاستعمارية وعن شوقه الى القدس وعن أشجان أرضه وأهلها فيستهلها بأبيات تثير في قلوب القراء والمستعمين انطباعات وطنية حزينة بل هي ثورية قائلا :-
مررنا على دار الحبيـب فردنــا عن الدار قانون الأعـادي وسورهــا
فقلت لنفسـي ربمــا هي نعمــــة فماذا ترى في القدس حين تـزورهـا
ترى كل ما لا تستـطيع احـتماله إذا ما بدت من جانب الدرب دورها
وما كل نفس حين تلقـى حبيبـها تسـر ولا كـل الـغـبـاب يـضيـرهـــا
فإن سـرها قبـل الـفـراق لــقاؤه فـليـس بـمأمـون علـيها ســرورهـــا
متـى تبـصر القدس العتيقة مرة فسـوف تـراها العين حيـث تـديرهـا
يعرب الشاعر عما شعر حيث حظر عن الدخول في القدس كأنه يقص لنا طرفا من حياته بل هو في الواقع طرف مؤسف للغاية من حياة جميع الفلسطينيين. وفي غضون هذا، يحلي الشاعر كلامه بفلسفة خاصة "وما كل نفس حين تلقى حبيبها تسر ولا كل الغياب يضيرها".
ويقنعنا أن كل ما يوجد في مدينة القدس من حجر وأشجار ينطقنا بأشياء عديدة إذا سألناه
" فكل شيء في المدينة
ذو لسان، حين تسأله، يبين"
ويقدم لنا القدس مكانا وحيدا تداعت فيه المتناقضات على ممر العصور رغم محدودية ساحتها المكانية ويودعها الشاعر في قنة القدسية باستخدام قوته الإبداعية الرائعة حيث يقول:-
"في القدس لو صافحت شيخا أو لمست بناية
لوجدت منقوشا على كفيك نص قصيدة
يابن الكرام أو اثنتين"
يعني أنك تلفي كفيك منقشوتين بقصيدة أو قصيدتين ان صافحت شيخا أو مسست مبنى في القدس.
ويظهر حماسته الوطنية المكنية فيها اللوعة الناتجة عن اعراض كتب التاريخ عن أهل فلسطين الحق:-
"في القدس تنتظم القبور، كأنهن سطور تاريخ المدينة والكِتابُ ترابها
الكلّ مرُّوا من هُنا
فالقدس تقبل من أتاها كافرا أو مؤمنا
أمرر بها واقرأ شواهدها بكل لغات أهل الأرض
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فيها كل من وطئ الثرى
أرأيتها ضاقت علينا وحدنا"
ويعلن الشاعر بشكل رمزي في قصيدته "ذنوب الموت"، أن القوى المستعمِرة أو الظالمة لا تنجو أبدا من الفساد والفناء لأنه لا يوجد أحد يجامله القدر والمنية فيفلت من قبضتهما المحكمة ويبدو في البيتين التاليين يجيش الهمّ في صدر الشاعر:-
عزائي من الظلام إن مت قبلهم عموم المنايا ما لها مَن تُجامله
إذا اُقصد المـوتُ القتـيــلَ فـإنـه كذلك ما ينجو من الموت قاتله
وفي نفس القصيدة، يرسُم مأساة فلسطين وواقعها المؤلم بشكل يحزن الشعب الفلسطيني والعالمين معا و يثير ثائرتهم ضد العدو الألد المستعمر:- فنجد لسانه الذَلْق ينطق بكلمات تالية حديدة:-
ترى الطفل من تحت الجدار مـنـاديـا أبي لا تخف ــ والموت يَهطِل وابِلُه
ووالــده رُعــبــا يــشـــيـــر بــكــفــه وتعجـز عن رد الرصاص أنـامــلُـه
عـلى نـشـرة الأخـبــار في كـل لـيـلة نـرى موتـنا تـعلـو وتهوي مـعـاولـه
لـنــا يـنسج الأكـفــان فـي كــل لـيـلة لخـمـسـين عـاما ما تـكـلُّ مـغـازلــه
أرى الموت لا يرضى سوانا فريسة كــأنـا ـــ لـعمـري ـــ أهـلـه وقـبائله
وكذا نرى هذه المأساة الأليمة الوجيعة التي وقعت إثر احتلال أمريكي في بلاد العراق منعكسةا في قصيدته "مقام عراق" حيث يقول بعد اليأس والقنوط :
كُفّوا لسـانَ المراثـي إنها تَـرَفُ عن سائرِ المـوتِ هذا المـوتُ يختلفُ
وضَمّـِدُوا النخلَ سَبـْعاً إنه زمـنٌ للحرب لا السِّلْمِ فيه يُرْفَعُ السّـَعَفُ
ضَـلَّ الكَـلامُ وضَلَّ المهـتدونَ به إن الصـفاتِ خِيـاناتٌ لمـا تَصِـفُ
المـرءُ سـِرٌّّ ووَجْـهُ المَرْءِ يـكتُمُهُ تَحتـارُ هَلْ عرفوا أم بَعْـدُ ما عرفوا
تُخْبِـرُهم فَتَرى في صمـتهم خَدَراً كالشيـخِ عَزَّاهُ عن قَتْـلِ اْبْنِهِ الخَرَفُ
إن يصـبروا لا تُصَدِّقْ أنهم صَبَرُوا أو يضـعفوا لا تُصَـدِّقْ أنهم ضَعُفُوا
يا من تصيـحونَ يا وَيْلِي ويا لَهَفِي واللهِ لم يـأْتِ بعدُ الوَيْـلُ واللَهَـفُ
هذِي المصـيبةُ لا يرقى الحِـدادُ لها لا كـربلاءُ رَأَتْ هـذا ولا النَّجَـفُ
ويوازن المصيبة الواقعة على شعب العراق إثر احتلال الغربيين مع المصيبة الواقعة على الأمة في كربلاء حيث قتل فيها أفلاذ من الأسرة المحمدية ، بل يقول إن المصيبة الحالية في العراق وهي مصيبة غير مسبقة ، وإليه يشير حيث يقول " هذي المصيبة لا يرقى الحداد لها لا كربلاء رأت هذا ولا النجف "
وفي هذه القصيدة " مقام عراق" نرى الشاعرمتألما متأوها ، لأن الحقيقة الجارحة التي يراها في تربة بغداد ألجأته إلى القول :
يا أبا الطَيِّب، قد كُنَّا أَخَذْنا عليكَ عهداً أن لا يجوزَ الشعرُ بَعْدَك،
كان الشِّعرُ سِرَّاً وأَذَعْتَهُ، قَمَرَاً أَنْزَلْتَهُ وفَرَّقْتَهُ على التلاميذ،
فأعطيتَ كُلاًّ منهم قطعةً عليها اْسمُكْ
لا يجاوِرُ شِعْرَك بعدَها إلا نثرٌ وإن اتَّزَنْ
فكيفَ سَمَحْتَ لذلكَ الهاوِي المبتَدِئ، المسَمَّى بالتاريخ
أن يكتُبَ كلَّ هذِهِ المراثي إِذَنْ
كيفَ سمحتَ لهُ أن يُلْزِمَ أبياتَكَ مَعْنَىً لم يكن فيها
ولوعة القلب متضحة حينما يرى حال الأمة التعسة في العراق المحتلة وفيه يقول الشاعر :
أم كنت تعني رأْيَ أهلَ الحسابِ والمنطق،
أنَّ من يملكِ الجنةَ يَعِشْ بينَ نارَيْن،
نارِ الدفاعِ عنها إن بَقِيَتْ،
ونارِ الندمِ على خُسرانِها إن ضاعت
وكذا يقول...
كنا دائماً معاً
أطعمتُ أطفالَكم وأطعمتُ قَتَلَتَهُمْ
وأنتم منحتموني أطفالاً وقتلةْ
أنا منبرُ الأمير
ولكنَّ الأميرَ منكم
أنا صليبُ الأشراف
ولكنَّكُم
حين صُلِبْتُمْ عَلَيَّ، صُلِبْتُ عَلَيْكُم
لستُ بَرِيئَةً من دَمِكُم
وَلستم أبرياءَ من دَمِي
رَأَيتم ورَأَيْت
ونَسيتم ونسيت
تَساوَيْنا في الجريمة
ولكنْ لم نَتَسَاوَ في العِقاب
سامحتكم ولم تسامحوني
هاجرتم وترتكتموني
وهذا الشاعر الموهوب لم يقف في شعره على الشعرية فحسب بل إنه يستمد من التاريخ كما نراه في قصيدة مقام عراق ، حتى يستمد من الحديث النبوي صورة مزركشة في نفس القصيدة حيث يقول "
إنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَقُول
"أكرِمُوا عَمَّاتِكُمُ النَّخْل"
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
يا أُمَّةَ الأُمَّةْ
يا عَمَّةُ اْعْفِينا
صَعْبٌ تَلاقِينا
كم عِلَّةٍ فِينا
يا عَمَّتي جَمَّةْ
يا عمَّة يا عَمَّةْ
كَلَّتْ أَيَادِينا
عن تمرِ أَهْلِينا
يقولُ رَائِينا
بعضُ النَّوَىْ رَحمةْ
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
واللهِ ما خانا
من ماتَ ظَمْآنا
لَوْلا مَنَايانا
لم نَخْفِرِ الذِّمَّةْ
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
ياعمَّتي هاتي
نجمَ السَّمَاواتِ
أُسْمِعْهُ أنَّاتي
في النُّورِ والظُّلْمَة
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
فهذه القصيدة- مقام عراق- تقوم على بنية جميلة جدا، فالشاعر يمر سريعا ويلتقط التقاطات رائعة تاريخية ، ويعطي فسحة للذات، ذات الراوي، ليدون التاريخ من الأسفل في قصيدته .
وقد شارك الشاعر تميم البرغوثي في الثورات الداخلية التي اندلعت حديثا في الدول العربية والافريقية، بقلمه الأدبي ففي قصيدته لتونس يقوم باعلان ثوري:-
"إن الدماء ووسطَها شهداؤهم
عَلمُ البلاد هلالُه قتلاها"
ثم يحذِّر الحكام المستبدين:-
"فلتذكروا أنا نبيتُ بقُربكم
في ليلةٍ نِمتم وما نمناها"
ويضيف الى ذلك:-
"سئمت بلادُ المسلمين طغاتَها
فجِدُوا بلادا للطغاة سِواها"
ونجد في أعماله الشعرية صوت الإستهزاء تجاه الأمة ، وهو يظن أن من إمكان هذا الاستهزاء إيقاظ قلوب الغافلين والمتناومين ، وهو ينادي من حولهم ويطالبهم اليقظة والانتباه ، ونستطيع أن نلمس قلبه البائس والكئيب حينما يقول :
أرى الدهر لا يرضى بنا حلـفاءه ولسنا مــطيقيه عدوا نصــاوله
فهل ثَمّ من جيل سيُقبل أو مضى يــبادلـنــا أعـمـارنـا ونـبــادلـه
وكذا هذه السخرية والاستهزاء واضحة في قصيدته – أمر طبيعي – ويقول فيها :
أرى أمة في الغار بعد محمد تعود إليه حين يقدحها الأمر
ألم تخرجي منه إلى الملك آنفا كأنك أنت الدهر لو أنصف الدهر
فما لك تخشين السيوف ببابه كأم غزال فيه جمدها الذعر
قد ارتجف فابيض بالخوف وجهها وقد ثبتت فاسود من ظلها الصخر
يا أمتي يا ظبية في الغار ضاقت عن خطاها كل أقطار الممالك
في بالها ليل المذابح والنجوم شهود زور في البروج
في بالها دورية فيها جنود يضحكون بلا سبب
وترى ظلالا للجنود على حجارة غارها
فتظنهم جنا وتبكي : " انه الموت الأكيد ولا سبيل إلى الهرب "
يا ظبيتي مهلا ، تعالي وانظري ، هذا فتى خرج الغداة ولم يصب
في كفه حلوى ، يناديك : " اخرجي ، لا بأس يا هذي عليك من الخروج ".
ونسمع عويله في قصيدته هذه – أمر طبيعي- حيث يرى الشاعر أن هذه المهاجمة من قبل الأعداء لا ينقطع ما دامت الأراضي الإسلامية منعمة من المعادن البترول والغاز وغير ذلك من المعادن الطبيعي ، وفيها يقول :
يا أمنا ، والموت أبله قرية يهذي وسرق ما يطيب له من الثمر المبارك في سلالك
ولأنه يا أم أبله ، فهو ليس بمنته من ألف عام عن قتالك
حتى أتاك بحاملات الطائرات وفوقها جيش من البلهاء يسرق من حلالك
ويظن أن بغزوة أو غزوتين سينتهي فرح الثمار على تلالك
وقد توجد في أشعاره الآخر نبضات قلبه متعمالة مع قضايا الأمة مثل أشعاره ، حديث الكساء ، ففي ساعة يفديك قولي وقائله ، أمير المؤمنين ، أيها الناس ، نفسي الفداء لكل منصر حزين،بيان عسكري ، إن سار أهلي فالدهر يتبع ، الحمامة والعنكبوت .
-----------------------------------------------------------------------
أهم المراجع :
2 ورقة : ألقاها محمد شافع ( الباحث في جامعة جوهر لال نهرو بنيودلهي ) في المنتدى الأدبي
تأثير الحرب الأهليّة في أسلوب هدى بركات
بقلم: محمد أسلم الوافي، ، جامعة جوهر لال نهروـ نيودلهي
هدى بركات هي إحدى الأصوات الأصلية العربية الحديثة قضت أغلبيّة أوقاتها في لبنان ثم انتقلت الى بارس حيث تتوظّف الى حين ما نتكلم عنها. وأعمالها قد ترجمت الى عديد من اللغات العالمية من الانجليزية والفرنسية العبرانية والإيطالية والأسبانية والتركية والألمانية والإغريقية. هدى بركات مع أنها الآن في بارس وامتزجت عناصر حضارة بارس وثقافتها بدمها ولحمها وتتقن اللغة الفرنسية تكتب وتستمرّ في كتابة روايات في اللغة العربية وتجيب عندما سئلت عنها في مقابلة في بريطانيا خلال زيارتها هناك "أنا أكتب اللغة الفرنسية ولكن أحب اللغة العربية وأنا عاجزة أيضا عن تصوير نفسي بحقيقتها في الفرنسية ولو أخذنا على سبيل المثال، نحن العرب نقول كلمة "آه" عندما نتجرّع بالألم ولكن لا يمكن أن تنقل هذه الكلمة بعاطفتها الى غير لغتك وهناك لغة في صميم فؤادك وقلبك وذلك لغة جسمك أيضا ولو أوثر غير هذه اللغة لا يمكن أن أكتب".
نبذة عن حياة الروائية هدى بركات
الروائية هدى بركات ولدت سنة 1952 وتخرّجت من جامعة بيروت سنة 1975 في الأدب الفرنسي وصارت معلّمة في جنوب لبنان لسنة واحدة وبعد بداية الحرب الأهلية انتقلت الى "بشار" في الشمال وخلال 1975-1976 غادرت بلادها الى بارس للحصول على الدكتوراه ولكن الحرب الأهلية ألحّتها للرجوع الى لبنان حيث توظّفت معلمة وصحافية ومترجمة.
وأوّل عملها لقي الضوء هو مجموعة قصصية باسم "الزائرات" سنة 1985 وروايتها "حجر الضحك" نالت على جائزة الناقد و"حارث المياه" على وسام نجيب المحفوظ للأدب في 2001 ولها أعمال من "أهل الهوى" و"سيدي وحبيبي" و"رسائل الغريبة" وهي تعمل الآن لمحطّة إذاعة راديو في اللغة العربية في بارس.
ومما لا يشك فيه أحد ولا يختلف فيه اثنان أن هناك خسائر ضخمة للحروب والجوانب السلبية التي لا تحصى ولا تحدّ وفي نفس وقته أن الحروب والكوارث والدواهي أخصبت مجالات الفنون خاصّة حقول الأدب وصارت أعمال الأدباء أكثر بيعا في المتاجر والمكتبات ونالوا حظوة عظمى فالحروب جعلتهم أغنياء كما جعلت ضحاياها الفقراء والمعدمين والحرب الأهلية اللبنانية تعتبر من أبرز الحروب الأهلية التي نشبت في القرن العشرين واستمرّت لأكثر من عقد من الزمان وأكلت بنيرانها الأخضر واليابس وجادت قريحة الأدباء والكتّاب بالكثير من الأعمال الروائيّة التي أثرت المكتبة العربية وساهمت في التعريف بخفايا هذه الحرب من الناحية الاجتماعية والسياسية و الأعمال الروائية التي تناولت موضوع الحرب الأهلية اللبنانية لكتاب لبنانيين وغير لبنانيين كثيرة
الحرب الأهليّة في سطور أعمال هدى بركات
أن صاحبتنا هدى بركات التي هي على مائدة بحثنا الآن تتظلّل في سطورها وكلماتها بل في حياتها ظلال الحرب الأهلية اللبنانية وأشعالها النيرة التي لا تزال تشتعل في أعمالها كما في قلبها، وهذا من الواضح عندما يقلق قلبنا وفؤادنا شيئ تجرّبنا أم شاهدنا أم سمعنا عنه يتأثّر في كل عملنا خاصة في كلامنا وكتابتنا وهذا في بعض الأحيان يحوّل أفكارنا الى غير ما نهتمّ بها ويغلب علينا في كل حركاتنا وسكناتنا ونكون معها وفيها ومشغولا عن سائرها.
وهذه الروائية تأثّرت فيها كثيرا الحرب الأهلية اللبنانية الدامية وممكن ترى في كل حروفها لون الدم وتسمع صوت القنابل والقذائف منها.
هدى بركات فوق أنها إحدى الروائيات العربية أنها تحتفظ على بعض القيم والمبادئ أيضا والعناصر التي تجعل أعمالها حيّة يقظة مرهفة بأنها لا تخيّل الأبطال ولا تقلّد قدمائها بل تسير على مسيرة حرّة تسوّد بياض صفحاتها بما تخطر ببالها من الأمور التي ألمّت بقلبها من الآلام والأحزان مع أن الحرب الأهلية تلعب دورا أكبر في هذا السياق وفي الوهلة الأولى يخيّل إلينا حتى عناوين رواياتها تتداول رسالة دمويّة بل كما تبقى ذلك من ألفها الى يائها.
وأضع هنا بعض المقاطع التقطت من حجر الضحك لأن أزوّدكم وأمتّعكم بالعلم وأدلّكم على عمق تأثّر الحرب في قلب الروائية هدى بركات.
"أعرف أنه كان صديقك..صديق حميم..أفهم حزنك عليه ووحشتك دونه..ولكن من منا لم يفتقد شخصا عزيزا في هذه الحرب اللعينة...منذ الحادثة أتت...لا أحد يراك...أعني مكوثك في البيت..."(ص:59)
"لا يزورون قبره ..لا يرفعون من البيت ثيابه المدماة، لا يحلقون ذقونهم لا يسيرون في الطرقات ولا يستقبلون المعزين الا بعد أن يأخذوا بثأره...بعدها يموت الميت فيصبح الحداد عليه شرعيا.." (ص:60)
"لأن كل الناس تلعن المسلّحين يعتبرونهم زعرانا بلا تربية يقتلون وينهبون ولكن أنا ما شأني.." (124)
وفي الخلاصة أن روايات هدى بركات كانت إحدى القنابل انفجرت إثر الحرب الأهلية وفيها ضحايا وفيها آلام وفيها أرامل الضحايا والمعدمون ومنها تسمع أنين المتألّمين وعويل المتجرّحين والأصوات المخوّفة للقنابل والقذائف وإليها تجذب الانتباهات.
هدى بركات فوق أنها إحدى الروائيات العربية أنها تحتفظ على بعض القيم والمبادئ أيضا والعناصر التي تجعل أعمالها حيّة يقظة مرهفة بأنها لا تخيّل الأبطال ولا تقلّد قدمائها بل تسير على مسيرة حرّة تسوّد بياض صفحاتها بما تخطر ببالها من الأمور التي ألمّت بقلبها من الآلام والأحزان مع أن الحرب الأهلية تلعب دورا أكبر في هذا السياق وفي الوهلة الأولى يخيّل إلينا حتى عناوين رواياتها تتداول رسالة دمويّة بل كما تبقى ذلك من ألفها الى يائها.
ملامح سياسية في أشعار عبد الرحمن صالح العشماوي
http://arabicuniversitycollege.yolasite.com/resources/Journal/Asima_4/26.pdf
ملامح سياسية في أشعار عبد الرحمن صالح العشماوي
[بقلم: محمد علي الوافي ـ الباحث في مرحلة ما قبل الدكتوراه ـ مركز الدراسات العربية والإفريقية ـ جامعة جوهر لال نهرو ـ نيو دلهي]
نبذة عن الشاعر:
الشاعر عبد الرحمن صالح العشماوي شاعر عربي مسلم من المملكة العربية السعودية. ولد في قرية عراء احدى كبريات قرى بني ضبيان غامد في منطقة الباحة بجنوب المملكة عام 1956م. وتلقى دراسته الابتدائية هناك وعندما أنهى دراسته الثانوية التحق بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليتخرج منها 1397 للهجرة ثم نال على شهادة الماجستير عام 1403 للهجرة وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه من قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي عام 1409 للهجرة.[1]
تدرج العشماوي في وظائف التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى أصبح أستاذاً مساعداً للنقد الحديث في كلية اللغة العربية في هذه الجامعة.. وعمل محاضراً في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي حتى تقاعد قبل سنوات.[2]
عبد الرحمن العشماوي صاحب القصائد التي تدعو إلى بزوغ فجر جديد في الأمة وهو صاحب أسلوب حماسي. كتب أشعاره ومقالاته في البوسنة والشيشان ولبنان و أطفال الحجارة وفي أحوال الأمة وفي الخير والشر وفي أهوال يوم القيامة وغير ذلك. وله مقالاته الدائمة في الصحف السعودية و مشاركات في الأمسيات الشعرية والندوات الأدبية، وله حضوره الإعلامي من خلال برامجه الإذاعية والتلفازية مثل (من ذاكرة التاريخ الإسلامي، قراءة من كتاب، وآفاق تربوية)، بالإضافة إلى دواوين وقصائد ومقالات تنشر بشكل دائم في الصحافة وعلى شبكة الإنترنت.
ومن دواوينه:
‘إلى أمتي’ و‘صراع مع النفس’ و‘مأساة التاريخ’ و‘نقوش على واجهة القرن الخامس عشر’ و‘إلى حواء’ و‘عندما يعزف الرصاص’ و‘شموخ في زمن الانكسار’ و‘يا أمة الإسلام’ و‘مشاهد من يوم القيامة’ و‘عندما تشرق الشمس’ و‘يا ساكنة القلب’ و‘قصائد إلى لبنان’.[3]
إشارات سياسية في أشعار عبد الرحمان صالح العشماوي
يقف الشاعر الإسلامي الفذ الدكتور/ عبدالرحمن العشماوي في طليعة الشعراء الذين شهدوا سياسية العالم الإسلامي والعربي ، وسجلوها في قصائدهم، والحق أن هذا الشاعر يستحق لقب شاعر الأمة الإسلامية في العصر الحديث لأنه يواكب أحداثها ويتفاعل مع مآسيها وحركاتها السياسية شرقًا وغربًا، ويرصدها في شعر يحاول أن يهز به كيان هذه الأمة الغافية من منطلق إسلامي صاف أصيل، وفي أسلوب شعري رصين، وخيال خصيب، فجزاه الله عن أمتنا الإسلامية المكلومة التي تكاثرت عليها الخطوب من خارجها ومن داخلها.
والشاعر الكبير العشماوي أشار خلال أشعاره ومقالاته في البوسنة والشيشان ولبنان وأطفال الحجارة وفي أحوال الأمة إلى أحوال السياسية السائدة في العالم. وقد كتب في نفس الموضوع أشعارا مثل : الرسالة الثانية إلى أوباما، وتونس الخضراء، وإلى ظالم الشام واليمن.
والشاعر الموهوب عبد الرحمن صالح العشماوي، من حيث إنه شاعر يتفاعل مع كلما يتطرق إلى العالمية الإسلامية، له آراءه وانتقاداته في كلما هو جديد، مثل الثورة القائمة في تونس ومصر وليبيا ويمن. ويقوم بجانب العامة الذين يعيشون في ضنك وشقاء، ويصور بُغضه وحقده لكل من يفتك أعراض الإنسانية، من السياسيين الجائرين. ومن حيث إنه شاعر الأمة الإسلامية في العصر الراهن نمكن أن نراه يتدخل في كل ما يتعرض في طريق الأمة الإسلامية من حركات وسكانات، وهاهوذا يقول تمهيدا لشعره الرسالة الثانية إلى أوباما:
"كانت رسالتي الشعرية الأولى إلى أوباما بعد أن ألقى خطابه الأول في جامعة القاهرة في السنة الأولى من رئاسته وكان في ضيافة الرئيس المصري المخلوع حليف أمريكا وما يسمى بدولة إسرائيل، وكان مطلع تلك القصيدة
قلت: السلام فهل جلبت سلاما لعراقنا والقدس يا أوباما
أما هذه القصيدة فهي رد على خطابه الاستعراضي الأخير المشحون بالأباطيل السياسية التي تصب في مصلحة أمريكا ودولة الإرهاب اليهودي في فلسطين وقد ادّعى فيها التعاطف مع الشعوب العربية التي ثارت ضد الظلم والطغيان.."
الآن تســــــــمَعُ صرخَةَ الأيتــــــامِ ؟ ... وتَرى مدَامِـــــعَ مصْرِنا والشَّـــــام ؟
الآن تُبصِرُ ليبــــيَا وجِــــــــــراحها ؟ ... ورئيسَهَا المســـــــكونَ بالإجْــــرام ؟
أوَلم تزُر مصْـــــرَ الجَريحَة حِيــــنَما ... كانــــــت مكبَّــــــلَةً بِشَــــــــرِّ نظام ؟
ألقـــــــــيتَ فيهَا خُطبةً فَضــــــفَاضة ... ما كان فيـــــها غــــــيرُ زيفِ كَـــلامِ
أولم تُعانِق حيــــــنذَاكَ رئيسَــــــــــهَا ... وتعـــــــدّه من أفضــــل الحُــــــكَّام ؟[4]
وهكذا تتجلى الحركات السياسية العالمية لاسيما العالم الإسلامي في معظم أشعاره، مثل قوله:
ما – دنمارك- القوم، ما – نرويجهم- يصغي الرعاة وتفهم الأبقار
وكذلك يتجاوب الشاعر مع غزة، وأهلها الأبطال المحاصرين في ديارهم، حصار جائر فرضه العدو الإسرائلي، في كل ما تقوم به ضد أولئك الأبرياء، ويسلي الشاعر أهل غزة الذين حوصروا ظلما وعدوانا قائلا لهم: إن لنا في رسول الله أسوة حسنة وزادا معنويا لمواجهة ذلك الحصار، وفيه يقول:
في الشعب كان لنا حصار محمد رمزا وكان بداية للسؤدد
كتب العدو وثيقة الغدر التي لم يرع كاتبها مكان المسجد[6]
ومن هنا نفهم أن أشعاره كله يتجاوب مع حركات المسلمين وسكاناتهم، ويحسن الكتابة في المجال السياسي والإجتماعي وغيرها. وهكذا نجد الشاعر يفحص الأحوال السياسية التي توجد في تربة تونس بعد أن أخلع حاكمه الجائر زين العابدين بن علي ويصور منذ بداية الشعر إخلاع الناس إياه عن سلطنته، وهنا يقول الشاعر:
قُل لِمَـــنْ يأبى إلى الحـقِّ استماعا هكذا يُقــــتَـــلَعُ البغْيُ اقتِـــــــلاعا
هكذا ينــــتفضُ المظــــلومُ ، حتى يرحلَ الظــالمُ ، أو يُبدي انصياعا
حتي يقول:
تونُسَ الخضراءَ إنْ نـاداكِ شعري واهِنَ الصوتِ ، فهـذا ما استطاعا[7]
ولم يدع الأحداث السياسية التي حدثت في سوريا واليمن، بل ظل يعالج أوضاعهما في أسلوب شعري رشيق واضح. ويستهزئ من كلا الحاكمين الجائرين خلال شعره قائلا:
يا ظَالِمَ الشَّامِ ، بلِّغْ ظَالِمَ اليَمَنِ أنَّ الدِّمَاءَ ـ على الرَّحمِن ـ لَمْ تَهُنِ
وأنَّ منْ يسلِبُ الشعبَ الحقوقَ ومَنْ يسْطُو علَيهِ سَيَلْقَى شرَّ مُرْتَهَن
فأنْتُما في ظلامٍ لا ضياءَ لهُ كِلاكُما مِنْ ضلالِ العقلِ في قَرَنِ[8]
وهكذا تنعكس في أشعاره صورة العالم الإسلامي بتمامها، ويعالج الأمور السياسية والإجتماعية وغيرها ويتأثر بما تجري في العالم من الانقلابات السياسية والاختلافات الاجتماعية.
المصادر والمراجع:
· سهيلة زين العابدين حماد، التيار الإسلامي في شعر عبد الرحمان العشماوي، مكتبة العبيكان، الرياض.
· Mansur Ibrahim Hasimi & Salma Khadra Ayyusi, Beyond The Dunes: An Anthology of Modern Saudi Literature
· د. عصام الدين دفع الله مصر، المديح النبوي عند الشاعر عبد الرحمان العشماوي دراسة أدبية تحليلية، مجلة الإسلام في آسيا، العدد الخاص الثالث، سبتمبر2011.
· الأستاذ عبد الحكيم الفيضي، الألوان [كتاب يحتوي على قطعات من النصوص والأعمال الأدبية بأشكالها المختلفة من قصة وسيرة ذاتية وشعر ومقالة، للسنة الثانية من الإجازة العالية ضمن المقرر الدراسي للوافي ـ تنسيق الكليات الإسلامية ] طبعة ثانية June 2012
· WIKIPEDIA
0 comments:
إرسال تعليق