الأحد، 11 أغسطس 2013

مساهمة الهنود في الأدب العربي

بقلم الأخ محمد علي الوافي كرواتل/كيرلا
 الباحث / مركز الدراسات العربية والإفريقة ــ جامعة جوهرلال نهروــ نيودلهي

المقدمة:
ما زالت، ولا تزال الهند تلعب دورا بارزا في تنمية وتطوير اللغة العربية وآدابها منذ طلوع نور الإسلام على أفق بلاد الهند وسمائها، وقام العلاماء الهنود بإسهامات كبرى في تنشئة النثر العربي عبر العصور والدهور. وهذه حقيقة ناصعة جلية واضحة لا يمكن الرفض والإنكار لمن أراد أن يقوم بمسؤولية البحث عن العلوم الدينية والإنتاجات العربية في شبه القارة الهندية.
انتشرت اللغة العربية في الهند مع انتشار الإسلام في ربوع الهند وأرجائها ويرجع الفضل إلى أولئك العرب الذين شرفوا بقدومهم أرض الهند، ونزلوا بها واستوطنوها. "وينص التاريخ على أن الإسلام وصل إلى الهند في القرن الأول الهجري، وكيرلا هي البقعة الأولى في الهند التي أشرفت بنور الإسلام أولا، وذلك بواسطة التجار العرب المسلمين"[1].
مساهمة الأدباء الهنود
لو ألقينا النظر إلى بطون التاريخ وتصفحنا أوراقه بحثا عن خدمات العلماء الأدباء الهنود في النثر والشعر العربي الهندي لوجدنا أن الهند قد أنجبت عددا لا يستهان به من عباقرة وعمالقة في الأدب واللغة والسير، وإضافة إلى ذلك قد صاروا مشهورين بتضلعهم باللغة العربية وقدرتهم  الفائقة على البيان، وأصبحت مؤلفاتهم القيمة مرجعا ومصدرا للباحثين والدارسين وفاقت العالم كله والتي تجاوزت شهرتها الهند. وليس هناك شك في أن اللغة العربية موضع احترام وتقدير لدى مسلمي الهند. وتعد الهند اليوم من أهم المراكز الرئسية للثقافة الإسلامية في العالم الإسلامي، إذ تضم مئات المعاهد والمدارس التي تقوم بتعليم اللغة العربية وآدابها. وهذا إلى جانب الجامعات الحكومية والمؤسسات الرسمية العديدة التي تعتني بالبحوث العربية في شتى جوانبها.
الأدباء
عبد الحق سيف الدين الدهلوي ــ 1551م ـــ 1642م
يعدّ هذا العالم المشهور أول من حمل راية التفوق في مجال العلم، لا سيما علم الحديث ولد بمدينة دلهي. أخذ الحديث بمكة عن الشيخ عبد الوهاب، وبالمدينة عن الشيخ محمد بن أحمد. ومن تصانيفه مدارج النبوة، أخبار الأخيار، أشعة اللمعات، زبدة الآثار، شرح فتوح الغيب للجيلاني وزاد المتقين وغيرها من الكتب المشهورة في مجال اللغة العربية.
الشاه ولي الله الدهلوي ــ 1073ه ــ 1762ه
هو الشيخ إمام الأئمة علاّمة العلماء وارث الأنبياء آخر المجتهدين قطب الدين أحمد ولي الله عبد الرحيم الدهلوي، ولد في أيام عالمكير، وقرأ على والده أمهات الكتب، وكان رحمه الله فصيحا في اللغة العربية وخبيرا بفنونها. وكتابه الفوز الكبير دليل يشاهد على براعته، وقد ألف أكثر من أربعين كتابا في شتى فروع العلم ومن أهمها حجة الله البالغة ، والمصفى شرح الموطّأ، وفتح الرحمن في ترجمة القرآن، وفتح الخبير، وشفاء القلوب، والتفهيمات الإلاهية.
أنور شاه الكشميري ــ 1292ه ـــ 1352ه
هو أحد الفقهاء الحنفية وعلماء الحديث الأجلاء ولد في كشمير سنة 1292ه. ومنذ طفولته ظل الشيخ عاكفا على الدرس والإفادة منقطعا إلى مطالعة الكتب لا يعرف اللذة في غيرها. ومن مصنفاته تعليقات على فتح القدير، وتعليقات على الأشباه والنظائر، وتعليقات على صحيح مسلم، مشكلات القرآن، وفيض الباري.
أبو الحسن علي الندوي ــ 1914م ــ 1999م
هو تحفة الهند إلى اللغة العربية وأهلها. وكانت أسرته من أصل عربي، بدأ تعلمه في حجر أمه بقراءة القرآن، تمهر في الأردوية والفارسية والإنجليزية وفوق كل هذه في العربية. وفي سنة 1961م انتخب ناظم دار العلوم ندوة العلماء، واختير عضوا في المجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي، ورحل إلى البلدان العربية كلها.
تشهد كتاباته بالعربية والأردوية على قدرته في التأليف، وكتاباته تسيل بلغة بليغة ومنها ’ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين‘ ورجال الفكر والدعوة في الإسلام، ومختارات في الأدب العربي، السيد أحمد الشهيد، الطريق إلى المدينة والمرتضى وغيرها.

الشعراء
غلام علي آزاد البلكرامي ــ 1110ه ــ 1200ه
هو حسان الهند، لم يكن له نظير في زمانه في النحو واللغة والشعر والبديع والتاريخ. رحل إلى الحجاز فحج، وقرأ بالمدينة الصحاح، وكان حسان الهند ومداح النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجد في مدحه معان كثيرة، وله مصنفات ممتعة منها: ضوء الدراري، وتسلية الفؤاد في قصائد آزاد، شفاء الغليل، غزلان الهند، روضة الأولياء، ومن أشهر ما كتبه سبحة المرجان في آثار هندوستان.
صدقة الله القاهري ــ 1042ه
ولد في أسرة قادمة من مصر سنة 1042ه، أخذ العلم على يد والده، ثم تجوّل في المدن الهندية واستفاد من علمائها. وانتقل رحمه الله إلى جوار ربه جل وعل تاركا وراءه مؤلفات عديدة، منها: توضيح الدلالة في تصحيح الجلالة، تخميس قصيدة البردة، تخميس قصيدة بانت سعاد.
القاضي عمر علي البلنكوتي ـ 1757م ــ 1852م
هو الشيخ الإمام العارف بالله والشاعر البليغ القاضي البلنكوتي من أبناء كيرلا. تعلم العلوم من جامع بلنكوت ومن فنّان ـ مركز العلوم في كيرلا. وكان رحمه الله داعيا إلى الله ومجاهدا في سبيله وحاربا حكومة البريطان. وكان شاعرا بليغا متضلعا من اللغة العربية. ومن مصنفاته الشعرية: نفائس الدرر، والقصيدة العمرية ، وصلى الإله وغيرها. توفي هذا المجاهد الكبير سنة 1852م.

مساهماتهم الخالدة
نزهرة الخواطر
’نزهة الخواطر بهجة السامع والنواظر‘ كتاب مشهور ألفه مؤرخ الهند الكبير العلامة عبد الحي فخر الدين الحسني، ذكر فيه تراجم أعيان الهند وطبقاتهم. وجاء بهذا الكتاب في ثمانية أجزاء كبار، سجل فيه أعيان الهند من القرن الإسلامي الأول حتى القرن الحاضر. وقد ظهر هذا الكتاب الذي ذاع صيته في سنة 1947م.
الثقافة الإسلامية في الهند
هو كتاب جليل في هذا الموضوع، سجل فيه صاحبه الثقافة الإسلامية الهندية وآثار علماء الهند وأدبائها وشعرائها في العهود الإسلامية، قسم الشيخ عبد الحي الحسني هذا الكتاب إلى أربعة أبواب، الأول في اللغة ونحوها وعروضها، والثاني في العلوم الشرعية والثالث في العلوم العقلية والرابع في الشعر والشعراء. ولاشك أن هذا الكتابهو معجم الكتب العربية.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام
هذا الكتاب مجموعة المحاضرات التي ألقاها السيد أبو الحسن علي الندوي في المدرج الكبير للجامعة السورية بدمشق، ويتحدث هذا الكتاب عن تاريخ الإصلاح في حياة المسلمين السياسية والدينية والاجتماعية. وتتحدث عن العلماء المسلمين المصلحين الكبار.

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
أشار المشيرون وأرشد المرشدون الشباب بمطالعة هذا الكتاب. وانتشرت شهرة الكتاب والكاتب في العالم بعد أن ظهرت الطبعة الأولى سنة 1950م. ويشير هذا الكتاب حقا إلى معرفة الكتاب بالإسلام معرفة صحيحة، ويوضح العالم في ثلاثة أبواب، والأول العصر الجاهلي والثاني من الجاهلية إلى الإسلام والثالث العصر الإسلامي.
سبحة المرجان في آثار هندوستان
هو من أشهر مصنفات السيد غلام علي آزاد البلغرامي، ألّفه سنة 1177ه، وهو كتاب يقع في أربعة فصول يتناول فضائل الهند ومزاياها. أصدر الكتاب أولا سنة 1303 ه من ممباي.
تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين
مؤلّف هذا الكتاب هو الشيخ زين الدين بن محمد الغزالي الفناني. وقد ألفه رحمه الله لغاية مؤقتة وهي حث شعبه وأمته المسلمة على مقاومة القوة البرتغالية، ولكن صار فيما بعد المرجع الأصلي إلى تاريخ المليبار القديم. وينقسم هذا الكتاب إلى أربعة أقسام، وهو المرجع المعتمد للباحثين عن المليبار وتاريخها ومسلميها.



المصادر والمراجع
·       إدريس أحمد، الأدب العربي في شبه القارة الهندية، الطبعة الأولى 1998م.
·       الفاروقي ويران محي الدين، الشعر العربي في كيرلا مبدأه وتطوره، الطبعة الثالثة 2003م.
·       الفاروقي جمال الدين، أعلام الأدب العربي في الهند، مكتبة الهدى كالكوت 2008م.
·       اللكنوي السيد عبد الحي الحسني، نزهة الخواطر الإعلام بمن في تاريخ الهند، دار ابن حزم، دمشق.
·       اللغة العربية وآدابها، المجددي محمد، والفاروقي محمد إسماعيل.
·       الندوي، أبو الحسن علي، المسلمون في الهند، المجمع العلمي الإسلامي، لكنو1998م.



[1]  الشعر العربي في كيرلا مبدأه وتطوره : الدكتور ويران محي الدين الفاروقي.

4 comments:

أحسنت الكتابة يا أخي الكريم ما شاء الله والله لغتك العربية سهلة جدا لا يصعب فهمهما وأنا احبها فتواصل الكتابة في مختلف الموضوعات .
بارك الله في حياتك ..

http://nidaulhind.blogspot.com/search/label/الأدب%20العربي%20الهندي

سهل الفظ حسن التطبيق ما شاء الله

يا شيخ... لغتك خلابة وأسلوبك جيد
بارك الله فيكم

إرسال تعليق