ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

الأحد، 29 نوفمبر 2015

السنة الدولية للضوء، يحتفل اليونسكو (UNESCO) بابن الهيثم البصري

بقلم محمدعلي الوافي، الباحث/ مركز الدراسات العربية والإفريقة، جامعة جواهرلال نهرو ــ نيودلهي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه أجمعين ــ وبعد.
ورب رجل أخذ كلام الباري بعين الاعتبار إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار،[1] ولو لم يقم هؤلاء الرجال الذين قاموا باختراعات واكتشافات قادت العالم إلى أوج الازدهار وأفق الارتقاء، لترجع الساعة قهقرى إلى آلاف السنين كي يتيه الإنسان يصطاد الحيوان ويلبس الأرياش ويأوي إلى الكهوف. ولا ينكر عالَم اليوم فضل هؤلاء العباقرة الذين فكّروا عمن يجيئون بعدهم، وأبقوا أثارهم وبصماتِهم على كانواس (Canvas) الاختراع. ومن هنا نتذكر قامة من قامات العصر الإسلامي الذهبي وفحلا من فحول الحضارة الإسلامية، عالم ذو الوجهة المستقبلية عاش قبل ألف سنة، ولم تكن حياته وأعماله يوما مهمة بقدر ما هي عليه الآن، هو الحسن بن الهيثمي مؤسس علم البصريات الحديثة.
أعلنت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها 68 في 20 ديسمبر 2013م أن عام 2015م سيتم تسميته بالسنة الدولية للضوء (International Year of Light) والتقنيات المستندة إلى ذلك العلم. وبالفعل انطلقت فعاليات تلك السنة من مقر اليونسكو في باريس في 19 يناير 2015م مع إزاحة الستار عن أحد أهم المعارض التفعالية العالمية (1001 اختراع) الذي يسلط الضوء على أعظم العلماء العرب والمسلمين الذين عاشوا إبان حقبة ما يسمى ‘العصر الذهبي الإسلامي للعلوم’ منذ نحو ألف سنة. وبطل ذلك المعرض العالمي هو عالم البصريات العربي الفذ الحسن بن الهيثم الذي برع في علوم البصريات والرياضيات وعلم الفلك، والذي يعود له الفضل في إرساء أسس المنهج التجريبي العلمي المتبع في العصر الحالي.

نبذة عن العالم ابن الهيثم
ولد الحسن بن الحسن بن الهيثم[2] في البصرة (جنوب العراق)، وتعلم على أيدي مشايخها. ولقبه بعض المؤرخين بيشخ البصرة ومهندسها، أما المؤرخون الأوروبيون فتعرفوا إلى أعماله وإسهاماته بدءا من منتصف القرن التاسع، فراحوا يسلطون الضوء على مختلف مؤلفاته لا سيما في البصريات. وعرف آنذاك لدى أولئك باسم ‘الهازن’ أو ‘الحازن’ (Al Hazen) وهو تحريف لاسم الحسن ــ أي الحسن بن الهيثم[3].
ولما شب هذا الفتى الموهوب كان شغوفا بالعلم محبا للاطلاع والاستكشاف، حيث درس طب العيون (طب الكحالة/ أو الكحالة). ولكنه لم يمارس هذا العمل لأن ذوقه وفطريته تمنعه من الانعكاف عليه، وقد وجد اللذة والحلاوة في الرياضيات والفيزياء، وقد رأى نفسه وذوقه يميل إليهما أكثر مما يميل إلى طب العيون. والمؤلفات التي بلغت 80 في الرياضيات والفيزياء والفلك خير دليل لشغفه بها، وقد ألف كتابا واحدا في علم الطب الذي تعلم مبادئه وتفقه فيه.
كتاب المناظر
جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.» فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل، وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان، وبعد أن تفقّد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع لضعف الإمكانات المتاحة في ذاك الوقت، وخوفًا من غضب الخليفة، إدعى الجنون، فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ/1011م حتى وفاة الحاكم في عام 411 هـ/1021م. وخلال تلك الفترة، كتب كتابه الأشهر كتاب المناظر.[4]
يعد كتاب المناظر لابن الهيثم أنفس ما أنتج العلماء العرب في مجال الفيزياء، وأهم كتاب في البصريات ظهر في الحقبة الممتدة بين القرن الثاني الملايدي وأوائل القرن السابع عشر. ولأهمية ذلك الكتاب فقد نشرت ترجمته إلى اللاتينية سنة 1572م، وكان لهذه الترجمة أثر بالغ في تعريف الغربيين بهذا العلم. تطرق ابن الهيثم في مقدمة الكتاب إلى الغاية التي جعلته يقدم على تأليفه، فقال: إنه بعد أن اطلع على نظريات العلماء الذين سبقوه فيما يتعلق بالإبصار وحقيقته لم يجد سوى آراء متناثرة يحكمها اختلاف ظاهر وتباعد واضح، مما جعله يعزم على تأليف هذا الكتاب. وحدد ابن الهيثم أسباب كثرة تأليفه في ثلاثة أسباب:
الأول: أن يجد الناس في كتبه (بعد موته) الفائدة والعلم اللذين يقدمهما لهم في حياته. والثاني: أن يجعل من التأليف وتدبيج الرسائل ارتياضا لنفسه بهذه الأمور في تثبيت ما تصوره فكره وأتقنه من هذه الدراسات. والثالث: أن يدخر من تلك التآليف عدة لزمن الشيخوخة وأوان الهرم.
وقال ابن الهيثم في مقدمة الكتاب مبينا منهجه: نبتدئ في البحث في استقراء الموجودات، وتصفح أحوال المبصرات، وتمييز خواص الجزئيات، ونلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، ثم نترقى في البحثوالمقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ من النتائج.
وهذا الكتاب الشهير يتضمن سبع مقالات.المقالة الأولى: وهي تعالج قضية كيفية الإبصار بالجملة. وأما المقالة الثانية:  ففيه يفصل ابن الهيثم المعاني التي يدركها البصر وكيفية الإدراك، والعلل التي تعتريها. والمقالة الثالثة: في أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة، وعللها. والمقالة الرابعة: في انعكاس الأضواء وإدراك المبصرات بالانعكاس. والمقالة الخامسة: في مواضع الخيالات والصور التي ترى في الأجسام الصقلية. والمقالة السادسة: في أغلاط البصر فيما يدركه بالانعكاس، وعللها. والمقالة السابعة: إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة الشفيف لشفيف الهواء.
وكذلك يتضمن الكتاب عددا من الآراء العلمية الشهيرة، ومن أهمها أبحاثه عن طبيعة الضوء(The nature of light)، والانعكاس(Reflection)، والانعطاف أو الانكسار(Inflection or refraction)، وتشريح العين(Anatomy of the eye)، والأخطاء والأوهام البصرية(Visual illusions)، والغرفة المظلمة ذات الثقب(Pinhole dark room).
علم البصريات (Optics)
عرف علم البصريات (Optics) عند العرب باسم علم المناظر. وكان المسلمون قد أخذوا أطراف هذا العلم من اليونانيين السابقين أمثال إقليدس صاحب كتاب اختلاف المناظر الذي ترجمه حنين بن إسحق وصححه ثابت بن قرة، وأولونيوس وأرخميدس وأرسطو وهيرون، وبطلميوس صاحب كتاب (كتاب المناظر) وغيرهم. وليس معناه أن المسلمين قد نقلوا آراءهم وانتحلوا اكتشافاتهم كي يدعوا براءة الاختراع (Patent) في علم البصريات. وإنما نقلوا من اليونان آراءهم المتعلقة بعلم البصائر والفيزياء، لأنه كان اليونان من الموهبة العقلية بمكان في الحقبة التاريخية. ولما انقرضت الحقبة اليونانية قام العلماء المسلمون بحفظها وانتاجها كي لا يفوت العالم هذه المخازن العلمية والمخبآت المعرفية.
وبعد أن نقل المسلمون هذه المخازن العلمية إلى عاصمة المسلمين، قد بدأوا التأليف والتنقيح في هذه العلوم. وأما علم المناظر أو علم البصريات، فإن المسلمين قد قاموا بالتفكير عنها قبل ابن الهيثم. وكان علماء المسلمين مثل الكندي والرازي وإبراهيم بن سنان والعلاء بن سهيل أخذوا يفكرون فيها وينتجون منها، إلا أن هذا العلم لم يصل إلى أوجها العلمي إلا على يد هذا العالم الفريد وهو الحسن بن الهيثم البصري، وذلك في بداية القرن الخامس الهجري.
وأهم المنجزات العلمية التي أوجدها ابن الهيثم في علم البصريات فهو إبراز تلك الآخطاء السائدة والشائعات الرائجة في مجال الضوء قبل دراسته وبحثه. وكان علماء الضوء يؤمنون أن عملية الرؤية تقع حسب نظرية الشعاع التي تقر بأن الرؤية تتم بسبب خروج شعاع مخروطي رأسه عند العين وقاعدته عند الجسم المبصر. [5]
وقد أتى ابن الهيثم بدعوى علمية جديدة في مجال علم الضوء، فهو أن الشائعات التي سادت في تلك القرون بعيدة عن الحق، حيث قال إن عملية الإبصار تتم بانعكاس الضوء عن الجسم ومن ثم دخول الشعاع إلى شبكية العين، والذي يلامس بدوره العصب البصري الذي ينقل الصورة إلى الدماع. وقد قدم العالم البصري النحرير دليلا بأن الرؤية غير ممكنة في الظلام الحالك، مع أن العين صحيحة وسليمة. بل قدم هذا الباحث المثالي ثمانية شروط يراها لازمة لإدراك المبصر[6]، وهي: الاستضاءة، البعد المعتدل، المواجهة، الحجم المقتدر، الكثافة، شفيف الوسط، الزمان، وسلامة البصر. وإليه ينسب مبادئ اختراع الكاميرا.[7] وهنا تجدر الإشارة إلى أن كل من العلماء المسلمين مثل ابن سينا والبيروني يتفقون مع ابن الهيثم في نظريته الانعكاس.
وقد قدم هذه الشخصية الإسلامية الفذة إلى عالم البصريات نظرياته ذات علاقة علمية بعالم اليوم. بل إنه درس وشرح هذه المسائل التي ترتبط بعلم البصريات، وصرح بخطورة هذه المسائل وجدارتها في علم البصريات. ومما يدعوا إلى الدهشة والإعجاب أن علم البصريات لم يعنى بها أحد إلا بعد نهضة العلم الحديثة في أوروبا وذلك في النصف الأول من القرن المنصرم. ومن أهم النظريات البصرية التي وصلت إليها أبحاث ابن الهيثم في القرن العاشر الميلادي ما يلي: نظرية انعكاس الضوء، ونظرية انكسار الضوء، والظاهرات الضوئية الجوية، والبحث القيم في طبيعة الضوء وسرعة الضوء. ومما يزيد إعجابنا بهذه القامة العلمية العربية، أنه لم يبرز في البصريات والضوء فحسب، بل اشتغل أيضا في مجال الحساب والهندسة والفلك.
الاحتفالات العالمية بابن الهيثم
أجريت عدة احتفاليات عربية وعالمية بابن الهيثم في القرن العشرين، واحتفالية منظمة اليونسكو هذا العام 2015م بالسنة الدولية للضوء وابن الهيثم، وهي ثاني الاحتفاليات الرسمية في القرن الحادي والعشرين، بعد احتفالية موقع البحث الشهير غوغل حيث احتفل بذكرى ميلاده في 30 مارس 2014م. وفي عام 1939م أقامت الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية احتفالياتها بمناسبة مرور ألف سنة على وفاة ابن الهيثم، وذلك في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة. حيث ألقى حينها الباحث المصري المعروف مصطفى مشرفة محاضرة بعنوان (ابن الهيثم كعالم في الرياضيات).[8]
كما أقيم حفل تذكاري في عام 1969م لابن الهيثم في باكستان، وقد قال فيه حكيم محمد سعيد رئيس مجلس العلوم في كراتشي: "يعد وقوف الإنسان على سطح القمر للمرة الأولى راجعا بدون شك إلى التكنولوجيا الحديثة، ولو أخذ كل شيء بعين الاعتبار فإن ابن الهيثم يعد رائد هؤلاء العلماء الأمريكيين، حيث إن كل نظرياتهم في الرياضيات مقتبسة من ابتكارات ابي علي، ولهذا فإنه باستطاعتي أن أقول: إن لابن الهيثم عقلية القرن العشرين وإن كان قد عاش في القرن العاشر، ومهما حاولت أن أصف عالمنا الكبير فإنني عاجز عن ذلك..."[9]
وكم هي جميلة لو كرمنا نحن المسلمون ابن الهيثم لما قدمه إلى عالم اليوم وإنسانية الغد. وأجمل تكريم من وسعنا وطاقتنا أن نتبع طريقه ومنهجه في التفكير، وأن نلقح هذا النمط الإسلامي في التفكير إلى قلوب الأجيال القادمة وأفكارهم، حيث نعلمهم كي يكونوا نسخة هيثمية لأجيالهم. وإن لم نطبق آراءه وأفكاره في أجيالنا القادمة، وإن لم نتقدم للاتباع بطريقته الفكرية والعلمية، فتعالوا ننادي ابن الهيثم غربيا، وإن كنتم تخالفوننا ــ والحق في جانبكم، لأنه شرقي حيث إنه عاش ومات في الشرق، ولكني أقول إنه غربي، لأن أفكاره قد انتشرت في الغرب وصيته قد ذاعت بين العلماء الغرب، ومناهجه في العلم قد اتبعها الغرب. أما أنتم  فلم تتعرفوا عليه إلا بتصاريح رسمية صادرة عن منظمة اليونسكو تخبركم بالسنة الدولية للضوء في عام 2015م. وهؤلاء قد استغلوه، بل نقلوا علومه واكتشافاتِه إلى اللغات الغربية.
وقد أقبل المترجمون والمنتحلون على كتب ابن الهيثم التي بقيت منهلا وحيدا ينهل منه أكثر علماء القرون الوسطى، ونقلت كتبه إلى اللغات العبرية والإسبانية والإيطالية واللاتينية والإنجليزية. أمة أصبحت تتذكر أمجاد أبائهم ولا يفكرون بأذهانهم وعقولهم، فضلّت الطريق إلى بغدادها وقرطبها.
**  تصريح الكاتب، للأمانة العلمية: كتبت هذه المقالة بالاعتماد على المجلات العربية خاصة مجلة التقدم العلمي من الكويت، والمواقع العربية ثم كتاب المناظر.
المصادر والمراجع:
القرآن الكريم
كتاب المناظر  لابن الهيثم البصري.
ويكيبيديا الموسوعة الحرة ــ ابن الهيثم
مجلة التقدم العلمي/ مجلة علمية فصلية تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي العدد89، أبريل 2015م.



[1] رقم الآية 190، 191، سورة آل عمران الجزء الرابع.
[2]  هناك شخصيان شهيران بهذا الإسم. الأول اسمه الحسن بن الحسن بن الهيثم، وهو العالم العربي البصري مؤسس علم البصريات. والثاني اسمه محمد بن الحسن بن الهيثم، وهو فيلسوف في القرن الخامس الهجري. وقد وقع الكثير من كتاب السير والمحدثين في الخلط بينهما. كما يقول الباحث رشدي راشد في دراسة نشرها في كتابه (الرياضيات التحليلية).
[3]  مقالة، الحسن بن الهيثم ــ الرياضي والفلكي للدكتور أبي بكر خالد سعد الله/ مجلة التقدم العلمي ص 19، العدد 89.
[5]  وقد دعم هذه النظرية علماء اليونان مثل إقليدس، وبطلميوس ومن شايعهم من الرواقين.
[6]  مقالة: الحسن بن الهيثم مؤسس علم الضوء الحديث للدكتور سائر بصمة جي السوري/ مجلة التقدم العلمي ص15، العدد89.
[8]  مقالة: الحسن بن الهيثم مؤسس علم الضوء الحديث للدكتور سائر بصمة جي السوري/ مجلة التقدم العلمي ص18، العدد89.
[9]  نفس المصدر.

أهمية الشخصية الفكاهية في تثقيف الأطفال، ملا نصر الدين جحا نموذجا

بقلم محمد علي الوافي/ الباحث، مركز الدراسات العربية والإفريقية ــ جامعة جواهرلال نهرو، نيودلهي
يشكل أدب الأطفال بعدا رئيسيا في صياغة شخصيات الأطفال عن طريق إسهامه في نموهم العقلي، النفسي، الاجتماعي، العاطفي واللغوي، وتطوير مداركهم، وتلقيح حياتهم بالثقافة التي يسميها الأكاديميون ثقافة الطفل. والطفل ككائن حي متفاعل مع معطيات الحياة الجديدة يتحصل على أدوات وآليات تكوّن سلوكه وأخلاقه من مجتمعه ومحيطه. فالكبار، هم المسؤولون عن تكوين الشخصية الطفولية في صورة مثالية، لأن الكبار، أو المجتمع الذي يعيش فيه الطفل إن لم يقدم إلى الطفل ما يلبّي حاجته ويُشبع جوعته سينحرف إلى هوة السلبيات. ولا يكون من المبالغة إذا قلنا إن السبب الأصلي لظهور العنف والتشرد في سلوك الأطفال هو نتيجة للإهمال السلبي الذي يناله الطفل من محيطه ومجتمعه، لأن الطفل ينجذب بفطرته البيضاء إلى ما يجد في محيطه وبيئته.
الفكاهة في الأدب العربي عموما، وبالأخص في أدب الأطفال حلت محل إعجاب وتقدير، لأن العالم بسرعته الفائقة أنسانا أن نبتسم أو أن يلاقي بعضنا بعضا بوجه طلق، ومن هذا المنطلق يعتقد الباحثون والأكاديميون صلاحية أشكال التراث الفكاهي بتنوعها وجاذبيتها كأداة مهمة لتثقيف الطفل، ووظّف أدباء الأطفال الحكايات الشعبية والتراث الفكاهي في قصائدهم وقصصهم لما لها أهمية بالغة في توجيه الأطفال لما فيه من تشويق وإثارة في قلوب الأطفال إلى تنمية العقول وتثقيف النفوس. وهذا الجانب التثقيفي لمسناه جيدا في التراث الفكاهي للحكايات المروية عن ملا نصر الدين جحا.
الأكاديميون المتخصصون في مجال أدب الأطفال لم يتناولوا شخصية ملا نصر الدين جحا للبحث والمناقشة، بل و منهم من لا يعرفون حقيقة هذه الشخصية الفكاهية مع أن طرائفه ونوادره ملأت الدنيا من ألف عام وأكثر، وهذه الشخصية الفكاهية ــ حقيقية كانت أو خيالية ــ أضحك الملايين على مدى قرون وأطرد عنها الحزن والأسى بحكاياته الطريفة المضحكة. وقد اجتهد المثقفون والأدباء في توظيف هذه الشخصية الفكاهية في قصصهم وقصائدهم كي يتمتع بها  عقل الطفولة، ويتعلم من خلال فكاهتها العبر والقيم الإنسانية العالية.
وهذه الورقة سوف تسلط الضوء على هذه الشخصية الفكاهية الشهيرة ملا نصر الدين جحا، من حيث إنه يشكل بعدا فكاهيا في عالم أدب الأطفال، وستبرز هذه الورقة الخصائص الفنية الموجودة في القصص المروية عن ملا نصر جحا. وستعالج هذه الورقة القيم الإنساية والعبر السامية الموجودة في القصص المنتسبة إليه.

مستقبل التعددية الثقافية في الهند

بقلم محمد علي الوافي/ الباحث، مركز الدراسات العربية والإفريقية، بجامعة جواهرلال نهرو، نيودلهي
إن واقع المسلمين في الهند واقع أليم ومحزن، ينذر بالخطر في كل لحظة. وليست القضية مختصرة على قتل واحد من أبريائهم فقط، وإنما القضية تمس الهوية الإسلامية والوجود الإسلامي في الهند. وهذا الواقع المؤلم يفرض على المسلمين شعوبا وحكومات السعي بكل الوسائل الوسبل لإيجاد المناخ السلمي للمسلمين في الهند وتوفير أسباب الأمن والاستقرار لهم ولأجيالهم القادمة. وأصبحت ثقافة الهند في وضع يتخلله الخوف والكراهية التي تؤدي إلى الصراعات والعنف والحرب نتيجة للنزعات الدينية والقومية على الرغم من انتمائه إلى  الديموقراطية، لقد آن الأوان لإنقاذ هذا البلد الديموقراطي من هذا الخوف المسبب عدم الثقة المتبادلة، وأصبح ضروريا تعزيز قيم التناغم الإنساني والتعدد الثقافي والانفتاح للآخرين. ومن الواضح أن رفض التعددية الثقافية كإطار للعيش معا، يهدد كيان الإنسانية ويؤدي إلى أنواع النزاعات.
والإسلام له دوره الريادي في حروب تحرير الهند من الاستعمار الإنجليزي، والمسلمون ضحَّوا في سبيل تحرير هذا البلد بكل ما يمتلكون من النفس والنفيس. وتعرضوا لخسائر مادية وفوادح معنوية لم يتعرض لها غيرهم من الهنود. ولذلك وجه الاستعمار سهام غضبه ورماح مقته إلى المسلمين، وواجههم بمعاملات قاسية وحشية لم ير تاريخ الهند مثلها. وحرّمهم من سبل التعلم وأبعدهم عن الوظائف الحكومية، بل حرض الإنجليز المتطرفين من الهنادكة والسيخية على المسلمين.
سلب الاستعمار الحكم الإسلامي من إمبراطورية المغول الإسلامية، فلقوا من المسلمين معارضة عنيفة ضد استعمارهم وسيطرتهم على حرية الهند، ولمواجهة هذه المدافعة والقضاء على هذه المعارضة ولكسر شوكة المسلمين ولتمكين سيطرتهم على الهند، استندوا إلى استراتيجية شنعية، أَلاَ وهي سياسة ‘فرق تسد’ (Policy of Divide and Rule) فاستمالوا المتطرفين من الهندوس إلى جانبهم، واستئزروا بعداوتهم ضد المسلمين بمختلف الوسائل والأساليب، وقد لبوا هؤلاء المتطرفون من الهنادكة إلى ما ينادَوْن.
ونجح المستعمر البريطاني في تأجيج نيران الفتنة بين الهنود، وأشعلوا الحرب الطائفية التي ازدادت بمرور الأيام، وينوه بها بعض المؤرخين المتخصصين في الحضارة الهندية، إذ يقولون إن المؤرخين الإنجليزين قاموا بتأليف كتب حاولوا فيها تحريض المسلمين والهندوس بعضهم ضد بعض، وذلك بادعاء أن فريقا منهم كان يقوم بالقتل والنهب ضد الآخر، وأن المسلمين كانوا يحاولون القضاء على ثقافة الهنادكة وتقاليدهم، ويهدمون معابدهم وقصورهم وأصنامهم ويكرهونهم على قبول الإسلام بالسيف.
يعد المسلمون أهم الأقليات الست في الجمهورية الهندة بنسبة 14.23 طبقا للتقارير الرسمية من قبل الحكومة الهندية، وهي مجموعة إسلامية ثانية من حيث كثرة سكانها بعد جمهورية إندونيسيا، بينما يمثل الهندوسيون 79.80 نسبة من سكان الهند.
والأوضاع الأخيرة التي يعيشها المسلمون في الهند خير شاهد لتحقق ما أراد المستعمرون البريطانيون من تمزيق هذا البلاد وتحريض أبنائها بعضهم على بعض. وحزب بارتيها جنتا (Bharatiya Janata Party) الحزب الحاكم في الهند الديموقراطي لا يزال في سكوته المثير للرهيب، على ما يفعلها داعش الهنادكة سانغ فاروار (Sangh Parivar)، وكلمة سانغ فاروار تشير إلى مجموعة المنظمات القومية الطائفية الهندوسية التي لا تزال تثير العواطف الدينية الهندوسية في قلوب أبريائهم، وقد بدأت هذه المنظمات تتنسق على أيدي أفراد راشترييا سوايم سيوك سانغ (Rashtriya Swayamsevak Sangh). وقد استوحوا أفكارهم وشعارهم من آراء رؤسائهم المتطرفين المتشددين في القومية الهندوسية.
ولا تزال هذه المنظمات القومية الهندوسية تقوم بعمليات القتل والترويع، وتهديد التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، وتقوم بالفتنة والاقتتال والتفرقة التي تهدم كيان هذا الوطن الديموقراطي العلماني. والمثال الأخير لهذا النوع التطرفي الإرهابي ما قامت به الفرقة الداعشية الهندوسية بقتل رجل مسلم على حسب شائعات انتشرت بتناوله لحوم البقر وتخزينها في منزله في منطقة دادري (Dadri)، وهي منطقة حدودية في ولاية أوتار براديش.
وهذه الحادثة التي وقعت في شمال الهند تدل على الحقد الغائر في قلوب الهنادكة تجاه المسلمين والأقليين في الهند، حيث قتلوا مسلما بالعصى والطوب حتى الموت، ومزقوا ابنه المدافع عن أبيه وأسرته. بعد شائعات بتناول الأسرة اللحم البقري المحظور ذبحها دينيا في اعتقاد بعض المتطرفين من الهنادكة. ولما انتشرت الشائعة في المنطقة تجمعت الفرق الداعشية الهندوسية بعد أن سمعت إعلانا دينيا من المعبد الهندوسي في القرية، بأن محمد أخلاق وأسرته ذبحوا بقرا وخزنوا لحومها في منزله. فثارت مجموعة من الغوغاء المكونة من سبعين فردا، وأخرجته وابنه من منزله مساء الاثنين 5/10/2015، ليمزقوه وابنه بطرق وحشية وأنماط داعشية، ونتج عنه وفاة أخلاق في مستشفى قريب، بينما يعالج نجله من إصابات خطيرة وبالغة.
وذبح الأبقار يعد ممنوعا في بعض الولايات الهندية، إلا أن الحصول عليه وتناوله لا يعد حراما، وهذه هي الجريمة التي ذهبت بحياة رجل في شمال الهند حيث تشتد هناك شوكة المتطرفين الهندوسيين. والتقارير الصحفية المحلية تؤكد "أن رجلا مسلما اسمه أخلاق الرحمن يبلغ عمره خمسين عاما، قد لقي حتفه بعد أن تعرض لضربات متتالية بالطوب والعصى. وقد شن داعش الهنادكة الحملة الوحشية الشنيعة على الأسرة، لاعتقادهم بأنه وأسرته تناولوا لحم البقر، الذي يعد مقدسا لدى المتطرفين من الهندوس" – جريدة ده هيندو اليومية (The Hindu Daily) بتاريخ 07/10/2015م.
ومنذ وصول حزب بارتيها جنتا (Bharatiya Janata Party) إلى السلطة تحت رئاسة نريندرا مودي (Narendra Modi) شعر المتطرفون الهندوس بالقوة والأمان. وقاموا بأفعال لا تليق بالتعددية الثقافية التي تمتع بها أبناء هذا البلد الديموقراطي، و يجبرون الأقليات المسلمة والنصرانية على التحول عن أديانهم، ويعتدون على شاحنات تحمل البقر والجواميس، ويقومون بالهجمات المتكررة ضد أفراد الأقليات الدينية. وخير دليل على هذا، أنه عندما ألقت الشرطة القبض على المشتبه في حادثة قتل البريء لتناوله اللحم البقري، هاجم  الغوغاء على أفراد الشرطة وسياراتهم، فأجبرت الشرطة على الإجراءات اللازمة، طبقًا لتقارير نشرتها جريدة  ده هيندو اليومية (The Hindu Daily).
والأمر الذي يدعو للعجب والدهشة وهي أن المصادر الدينية الهندوسية لا تمنع تناول لحوم البقر، بل تقول المصادر : إن الرجل الهندوسي المثالي، هو الذي يأكل لحوم البقر. وكذا إن أغلبية الهنادكة يأكلون اللحوم ويتمتعون بالتعايش الإنساني، ويدعمون قيم التسامح الحضاري والتعددية الثقافية، حينما كانت الشرمذة الأخرى يعكر صفو التبادل السلمي والتعايش الإنساني.
وقد عبر الأدباء والشعراء في الهند تضامنهم لعائلة محمد أخلاق، حيث ردت الأديبة الهندية الشهيرة السيدة نيان تارا سيغال (Nayantara Sahgal) الجائزة الأكاديمية الهندية (Sahitya Academy Award) التي حصلت عليها للنشاطات الأدبية في اللغة الإنجليزية. وهي من الكاتبات الموهوبة اللاتي وصلت أعمالهن إلى نطاق واسع في الأدب العالمي، كما أنها من عائلة جواهرلال نهرو، رئيس الوزراء الأول للجمهورية الهندية بعد استقلالها، حيث إن والدتها وجيا لاكشمي فانديت (Vijaya Laksmi Pandit) هي أخت الزعيم جواهرلال نهرو.
والشاعر الهندي الشهير أشوك واجباي (Ashok Vajpei) الرئيس السابق للأكاديمية لاليتاكالا (Lalithakla Academy) أيضا رد الجائزة الأكاديمية الهندية (Sahitya Academy Award) التي نالها لتضلعه ونشاطاته في الشعر الهندي، بسبب زوال التعددية الثقافية عن البلاد تحت الحكومة الجديدة في الهند.
صحيح أن الحكومة الهندية أعلنت رسميا إدانتها لهذه الجريمة الداعشية مؤخرا، إلا أن المسلمين قد انتظروا كلمة الإدانة في نفس الوقت من رئيسهم نريندرا مودي الذي ألح في صمته وسكوته إرضاءا لسانغ فروار. إن الواجب قانونا ونظاما على حكومة الهند أن تحمي أهل الديانة ثم المؤسسات الدينية على اعتبار أنها مسؤولة عن حماية رعاياها وعن حماية مقدساتهم، ولذك استنكر أكثر المثقفين من الأدباء ورجال العلم تغاضي حكومة الهند عن التهديدات التي أطلقها داعش الهنادكة والمتطرفون. وقد حصل التهديد بهدم المسجد البابري أولا ثم بما حدث في ولاية الغجرات من المجازر القومية، ثم وصل إلى ما وصل تحت بصر الحكومة الهندية وسمعها.
وهنا، تجدر الإشارة إلى الخطوات التي يقوم بها تنسيق الكليات الإسلامية في الهند لتوطيد القيم التعايشية بين سكان هذا البلاد الديموقراطي. وتنسيق الكليات الإسلامية هيئة علمية شبه جامعة إسلامية تهدف إلى الجمع بين معارف الوحي والعلوم الإنسانية. تأسست عام 2000م وسجلت لدى الحكومة الهندية، وينتسب إليها حتى الآن 46 كلية إسلامية (بنين وبنات)، وتجعل من مركز التربية الإسلامية مقرا لها، وحصلت على عضوية رابطة الجامعات الإسلامية، ووقعت اتفاقية التعاون العلمي والثقافي مع العديد من المنابر العلمية، مثل جامعة الأزهر وجامعة القاهرة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم/ جامعة الدول العربية، ومجمع اللغة العربية وجامعة عليكرا الإسلامية، والجامعة الملية الإسلامية وغيرها.
وكجهة تربوية تقوم بصياغة عقلية المآت من الطلاب والطالبات، عقد تنسيق الكليات الإسلامية مؤتمرا عالميا بعنوان "التعددية الثقافية والسلام العالمي" يهدف إلى قيادة عقلية النشأة الجديدة إلى شاطئ فهم الآخر، وإقرار كيان الثقافات المختلفة والتعايش معها، حيث لكل وجهة هو موليها حتى يتم للبشرية رخائها وهنائها.
وقام المؤتمر العالمي باكتشاف الجوانب المختلفة للموضوع من منظور عالمي وهندي حيث شارك فيها المتخصصون والأكاديميون من الولايات المتحدة، البريطانيا، تركيا، إندونيسيا، مصر، الكويت والإمارات العربية المتحدة بدراساتهم القيمة، وتطرقوا إلى الجوانب المهمة للموضوع مثل:
·       تحديات التعددية الثقافية والسلام على الصعيد العالمي.
·       دور الثقافات والأديان في تعزيز السلام.
·       أثر العولمة على المجتمعات متعددة الأعراق والثقافات.
·       التراث الهندي التعددي، والتحديات الحديثة.
·       تقوية الأقليات الثقافية والدينية، وتحديات الحكم الشامل.
·       التعليم المتعدد الثقافات في مجتمع تعددي.
·       الهوية الثقافية أم الهوية الأيديولوجية؟
·       الأصولية العلمانية أم الأصولية الدينية؟
ونجح المؤتمر بتقديم بعض التوصيات لخلق عالم أفضل، يتمتع فيه الجميع بالحرية وتحقيق الذات والحماية من كافة التمييز والتهميش.
وقد أكد المؤتمر بأن الغاية النهائية في التعددية الثقافية في المجتمع هي بلوغ السعادة المتكاملة والتعايش السلمي، وهذه لا تترتب إلا بتوفر الأمن الداخلي والخارجي، وازدهار الوضع الاجتماعي و الثقافي والحضاري، وهو مقرون غالبا بالاحترام لقيم التعايش الإنساني. والمجتمع الهندي في أشد حاجة إلى اتخاذ تلك الخطوات في استراتيجتها الداخلية والخارجية، عسى أن تكون تلك الخطوات معينا على التخلص من أسباب الصراع في المجتمع الناجم عن الكراهية والتعصب وازدراء الآخر والتمييز ضده. وإهمال تعليم أهل الهند مهارات التفاعل الاجتماعي وقيم التعايش السلمي مع الآخرين له أثر في استمرار توارثهم الأفكار المتصلبة والتعصب ومشاعر المقت والنفور من الآخر المختلف، والتعددية الثقافية هي التي تعمل على مكافحة العنصرية والطائفية والعداء للمخالف وغياب التقبل والتسامح. لأن العالم الذي نعيش فيه فسيفساء من مختلف الديانات والتقاليد الثقافية واللغات والأعراق. والتعايش المتناغم بين تلك الهويات المختلفة أمر أساسي لتحقيق السلام العالمي. وأخير يحسن القول: إن داعش الهند لا يمثل بتة، الأغلبية الهنادكة كما لا يمثل داعش سوريا وعراق الأغلبية المسلمين، إلا أنهما شرذمتان فهمتا مصادرهما الدينية بعقولهما المريضة.