ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ذكريات الوافي

إن أحسنت فيما كتبت فمن الله الملك المان وإن أخطأت فيما كتبت فمني ومن الشيطان الرجيم ، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالة. إظهار كافة الرسائل

السبت، 5 سبتمبر 2015

وداعا... أبا الصاروخ

كثير، هم الذين قد نسمع عنهم في حياتنا، ولكن قليل منهم يَخلدون في أعماق الذاكرة  ويتركون في النفوس أثرا لا تمحوه ألات النسيان، فما أصعب لحضات الوداع وما أقساها، خاصة لمن بالعظمة نُقدّرهم وبالخير نذكرهم وبالإخلاص نحبهم.
كان بإمكان الرئيس عبد الكلام أن يكون ثريا ومطمئنا كثيرا لرصيده المادي في الحياة، لكنه قرر أن يهدم كثيرا من الأمور من أعاليها إلى أسافلها، ولا يهم ماذا يترتب على ذلك. ووصيته خير دليل على أخلاقيته في العمل، "إن كنتم تحبونني حقا، فأدوا واجباتكم كما ينبغي أو أكثر مما ينبغي." وللأسف، وقال في وصيته ما قال، وما كان الامتثال كما قال.....!!!
وقد منح الرئيس السابق للشباب الهندي من وقته وجهده وتجاربه وخبراته الكثير في سبل الأحلام، وغرس القيم الفاضلة في قلوبهم، فكم قرر على أسماعهم أن للنجاح مهرا، وللقمة ثمنا... فكم أخطؤوا وقصروا وأهملوا...!!
فمعظم المهن يتقاعد أصحابها ويطويهم النسيان حتى لا يبقي لهم أثرا، إلا المخلص المتفاني في عمله، ففضل رئيسنا السابق ممتد عبر الأجيال، وذكره باق عبر الأزمان، لا تمحى بصمتهم ولا تنسى محبتهم
جمجمته التي عاشت تحت هندسة الصاروخ وفلسفته كانت بكل وضوحها اختزنت خليطا من التفاصيل التي لا تستطيع جمجمة أخرى أن تجمعها، جمجمة حلمت إلى مستقبل زاهر بحاضرها الفعال.
وداعا... يا أبا الصواريخ، فقد كنت للبلاد أبا حنونا وأما عطوفا، لقد زرعت في قلوبنا بذور التضحية، وقدتنا إلى مرتع الأحلام...

نبارك بأحلى ألفاظ التعابير ونتمنى لك الرقي والازدهار


يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏
بـمـشـاعـر مليئـة بالفرح والسرور تتقدم الكلية البافقيه بـأحــر الـتهانـي وأحلى الـتـبـريـكــات بمناسبة حصول أستاذنا السابق السيد لقمان الوافي الأزهري على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة ـــ كلية دار العلوم،  قسم  الفلسفة الإسلامية/ بمصر.
والكلية البافقيه للآداب والعلوم الإسلامية بناها رجال عباقرة نفتخر بهم ونسعد بعطائهم ومنجزاتهم، وبعضهم ما زال يعطي ويبذل، والبعض منهم انتقل إلى حياة جديدة بعد أن وهب لهذه الكلية أفكاره وجهوده وأوقاته.  ومن هنا نبتهج حينما يصل إلينا خبر تكريم لأستاذنا الحنون الدكتور لقمان الوافي الأزهري لأنه كان الدكتور لقمان الوافي الأزهري أحد رجال هذه الكلية المخلصين الذين أدوا ‘أمانة التعليم والإرشاد’ بكل تفان وإتقان، فقد كان خلال عمادته في الكلية البافقيه معلما وعميدا, يقضي جل وقته في عمله إما بالتعلم والتعليم وإما بالنصيحة والإرشاد.
ونحن أبناؤك نسطر أجمل عبارات التهاني وأصدقها بمناسبة حصولك على هذه الشهادة الغالية، ونتمنى لك مزيدا من الارتقاء والازدهار في درجات العلم في حياتك الأكاديمية ــ إن شاء الله

الأربعاء، 8 أبريل 2015

نواز نزار... رجل أبدله الله البصر بالبصيرة فرأى العالم بعين القلب

   ومن منن الله على عباده أن يبتليهم بما نراه محنة، وهي في الحقيقة نعمة لا ندرك كنهها، إنها أمور تدعو للعجب والدهشة، وهذه الشخصية التي نحن بصددها من هؤلاء...  الدكتور نواز نزار  فرحنا بازدهاره وحزننا على أفوله..... استطاع الدكتور بعمره الحافل بالحركات الأكاديمية أن يكتب المؤلفات والمقالات بل صار أستاذا مساعدا في جامعة دلهي الشهيرة، وهو أعمى لا يعرف الحروف إلا بوصفها إحساسا نابعا من اللمس على الصفحات المحفورة.
وقبل أن وافته المنية بيومين تعرض الدكتور نواز نزار لجلطة رأسية أعادته إلى السرير الأبيض من جديد، وشعرنا بالتقصير لأننا في دلهي، تبعد عن كيرالا بمسافة يومين بالقطار، ولم يكن من مقدورنا القيام بواجب الزيارة، فكتبنا على صفحات فيسبوك داعين له بالشفاء ومتمنين له السلامة والعافية، إلا أن إرادة الله شاءت أن يكون الأمر عكس ما تمنينا ...
ويذكر سعيد علوي الهدوي/ الباحث في جامعة جواهرلال نهرو ــ نيودلهي، عن  شفافية هذا الرجل العظيم، وكان يتساءل عن كل أموره ويصف لزوجة الهدوى الأدوية والعقاقير التي تشربها الحامل، والعناية التي توفر لها في مدة الحمل... ولكن هذا الأخ الكريم لم يبال بأمراضه ولم يعط لنفسه الحقوق الواجبة عليه.
 والذي نلمس في هذه الشخصية الفريدة تلك العبر والدروس، ومن أهمها الاستماتة للحصول على الدراسات الأكاديمية، ولم تعرقل الإعاقة الجسمية سبل التقدم والنجاح بل تمنينا كثيرا لو كنا ذلك الأعمى الذي يتمتع بتلك المؤهلات الأكاديمية العليا. 

الجمعة، 24 يناير 2014

تأثر الأدباء العرب بالأدب الغربي وتأسيسهم المدارس الأدبية العربية الحديثة


تأثر الأدباء العرب بالأدب الغربي وتأسيسهم المدارس الأدبية العربية الحديثة
محمد شافعي كي في
باحث في مرحلة الدكتوراه، جامعة جواهرلال نهرو، دلهي

             يهمني في هذه المحاولة المتواضعة الكلام حول "تأثر الأدباء العرب بالأدب الغربي وتأسيسهم المدارس الأدبية العربية الحديثة" ومثل هذا التأثر الأدبي بين أدبين عالميين ليس بأمر نادر في مستوى العالم الأدبي ولا يحدث ذلك بوحدته يعني لا يحدث حدوثا مستقلا بل هو قد يكون تابعا للتأثرات الأخرى وقد يكون مسببا اياها فكثيرا ما يكون هو سببا أساسيا في إشعال فتيلة الثورات والنهضات العالمية وفي أحيان كثيرة توجد آثار الثورة والنهضات الملتهبة تؤثر في مستوى العالم الثقافي.
                وقد تجاوز الأدب العربي مراحل مختلفة في رحلته الطويلة بادئا بالعصر الجاهلي ومتجولا في العصر الاسلامي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر التركي وغيرها ثم وصل الى مرحلته الهامة في العصر الحديث. اما التغيرات التي تعرض لها  الأدب العربي الحديث فكانت تحدث ببطئ وتأن فلا نجدها الا مبعثرة في زواياه واحدة واحدة. وكانت هذه العملية - عملية التغير والتغيير - تجري في رعاية عدة من المدارس الأدبية. أحب هنا تناول بعضها المهم بالإيجاز وهي مدرسة المحافظين ومدرسة الديوان ومدرسة المهجر وجماعة أبولو ومدرسة الشعر الحر.

مدرسة المحافظين:-
               حاولت هذه المدرسة أن تقف بمثابة الإلتفات إلى حرَكة البَعث والاحياء والتجديد في مستوى الشعر العربي والإعراض عن التقليد والتصنيع واللعب بالمحسنات بدون أي طائلة تحته. ومن أبرز روادها أحمد شوقي وحافظ ابراهيم وأحمد محرم ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي وعبد المحسن الكاظمي ومحمد عبد المطلب وعلي الغاياتي. أما تسميتهم بالمحافظين فهي لأجل استطاعتهم أن يحافظوا على المقومات الصياغية وعلى الشكل الهيكلي للقصيدة الشعرية كما كان هي في عصور ازدهار الشعر العربي واشراقه وعلى الروح العربي المتميز بتراثه الفني الحضاري. ولعل هذا التمسك ترك هذه المدرسة بدون قوانين أساسية وقواعد مستقلة يراعيها ويتقلدها الأجيال الجدد من الأدباء. ونتذكر هنا شاعر النيل شاعر العربية الذي بكى في أمر اللغة العربية هو شاعرنا حافظ ابراهيم. وقد نال هذا الشاعر شعبية واسعة لنشأته في داخل المجتمع واحساسه بمعاناتهم  ومكابداتهم ثم لتعبيره عن هموم الطبقات السفلى في أشعاره. وقد أتى الشاعر جميل صدقي الزهاوي بشيء جديد هو التمرد الميتافيزيقي كما يمثله ديوانه "النزغات".
وقد اتسمت هذه المدرسة بروح التجديد الناشئ من خلال التحسين في صياغة القصيدة والتزيين في موسيقاها بنوع من الدماثة والرقة والتحويل في مضمونها بالانتقال من مخاطبة الأمراء الى مخاطبة الشعب وبتناولها شؤونه وهمومه فأصبحت هذه المدرسة ميدانا كافيا لنشر الإتجاهات الوطنية والدعوات الإصلاحية والقضايا الجماهرية.

مدرسة الديوان:-
                ما أتت به وأحدثته مدرسة المحافظين لم يكن مقنعا قلوب الجيل الجديد من الأدباء بحيث لم تقدم لهم نموذجا لامعا تتلألأ فيه روح العصر - عصر التجديد والنهضة. وهذا النقصان فتح باب السلطان لمدرسة الديوان. وجرت هذه المدرسة - مدرسة الديوان تحت قيادة الثالوث الذين وسعوا ثقافتهم بثقافة الأدب الغربي والإنجليزي منه بشكل خاص. هم عباس محمود العقاد وابراهيم عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري.
                وظهر نتاجها الأول حيث أخرج شكري الجزء الأول من ديوانه بعنوان (ضوء الفجر) في عام 1909 بما فيه من الثورة على الشعر العربي القديم والحديث شكلا ومضمونا والدعوة الى الانحياز للوجدان والتأمل في الكون ثم جاءت في اثره عدة دواوين من قِبلهم حتى كان لهم في سنة 1919 سبعة دواوين. وفي عام 1921 أخرج العقاد والمازني كتابهما المشترك "الديوان" وهجما فيه بدون أي رحمة ولا شفقة الأدباء المشهورين مثل شوقي وحافظ والمنفلوطي وقد واصل العقاد هذا الطريق حتى وفاته في عام 1964
              وثارت هذه المدرسة من هذا المضمار على نظام القصيدة الطويلة ذات النسق الموحد ودعت الى شعر المقطوعات وشعر التوشيح وشعر تعدد الأصوات وقد تمرد شكري على القافية بوجه متشدد بحيث ألغاها في عديد من قصائده حتى راد بذلك حركة (الشعر المرسل). وقد تمردت على محدودية الفضاء الذي كانت القصائد تتضيق وتنحصر فيه كما تمردت على محدودية الطموح بدعوة الشعراء الى الإنتاج فوق اليوم الذي يعيشونه. ودعت الى كون الشعر بوح الكائن الإنساني فكريا ونفسيا ووجوديا.
ودعت هذه المدرسة الى جلاء الموقف الشخصي  في الشعر بحيث تشرق فيه رؤية صاحبه الذاتية وأسلوبُه المتميز ونادت بالوحدة العضوية كما نادت بتحرير اللغة الشعرية من عبودية القوالب الجاهزة والأنماط القبلية. ونلاحظ بوضوح أن أصحاب هذه المدرسة الكبار لم يستطيعوا إلا قليلا تطبيق ما تشدقوا به من أفكار وآراء في واقع شعري ممتاز.

مدرسة المهجر:-
              ومما لا شك فيه أن التبادلات والتأثرات والتأثيرات الأدبية تقع بجدة وشدة وجاذبية عندما يتعايش الأدباء والمفكرون ويعيشون معا ويتفاهمون فيما بينهم. وتكون هذه الحقيقة متضحة أكثر الوضوح في تاريخ مدرسة المهجر.
              منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نزح طائفة من الشباب اللبناني والسوري، الى أمريكا الشمالي والجنوبي فعاش بعضهم في الولاية المتحدة الأمريكية وبعضهم في البرازيل وهذه الحياة المهجرية أيقظت في قلوبهم ذكريات أوطانهم العربية وشحذت أفكارهم الوطنية وطلعت تلوها في أذهانهم مضامين أدبية عربية فبدأوا يخلقون عالمهم الأدبي الخاص من خلال نشر المجلات والدواوين وتأسيس المؤسسات مثل الرابطة القلمية التي تم إنشاؤها في الشمال سنة 1920 والعصبة الأندلسية في الجنوب سنة 1932.
             وكان وراء هذه العمليات والإجراءات الأدبية أيادي عديدٍ من الأدباء العرب الكبار مثل خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد وندره حداد وشفيق المعلوف والياس فرحات وميشال معلوف ونظير زيتون وغيرهم.
            ويبدو أنهم تعرضوا لكثير من تأثيرات الموشحة الأندُلسية حتى استحسنوا التنويع في القافية والتحرر في توزيع التفعيلات مع بقاء الهيكل العام على نظام ثابت وكانت هذه المدرسة ثورة في الأدب العربي الحديث حيث أشعلوا فتيلة التمرد على قيود القصيدة القديمة وموسيقاها ولغتها وشخصيتها التعبيرية وعلى العَروض الشِعري ونسمع ميخائيل نعيمة يتحدث بصراحة في كتابه "الغربال" ( فلا الأوزان ولا القوافي في ضرورة الشعر، كما أن المعابد والطقوس ليست من ضرورة الصلاة والعبادة ).
              ونسمع الأديب الناقد خليل جبران يتمرد على اللغة في كلماته التالية (لكم لغتكم ولي لغتي، لكم منها القواميس والمعجمات والمطولات ولي منها ما غربلته الأذن وحفظته الذاكرة من كلام مألوف ومأنوس تتداوله ألسنة الناس في أفراحهم وأحزانهم.... أقول لكم إن النظم والنثر عاطفة وفكر، ما زاد على ذلك فخيوط واهية وأسلاك متقطعة .... لكم لغتكم ولي لغتي).
             ونلمح في قصيدة الشعر المهجري الوحدة العضوية كأساس من أسس شكلها وقد تناول أدباء هذه المدرسة في نتاجهم الأدبي مضامين مختلفة مثل الحنين الى الوطن والاحساس المستمر بالإغتراب الروحي والمادي والتحرر من القيود القديمة الأدبية الشكلية وتفضيل جانب المعنى على جانب اللغة. ولا شك أن هذه المدرسة الأدبية لعبت دورا هاما في تطبيق الحداثة على الأدب العربي.
جماعة أبولو:-
             ولما كادت أشعة الضياء واللمعان للمدارس المذكورة تتضاءل وتفقد هوايتها نشأت جماعة أبولو تحت قيادة رائدها الدءوب أحمد زكي أبو شادي وكان يريد بها نادية يجتمع فيها أدباء الأدب العربي وشعراؤه ويبحث قضاياهم الإجتماعية والأدبية وكان يقدم خدمته ومساعدته لكثير من الأدباء في نشر الدواوين  والأعمال الأدبية وهذا فتح بابا لمرحلة من مراحل تطور الشعر العربي الحديث شكلا ومضمونا وصدر من خلالها العدد الأول من مجلة أبولو سنة 1984 وقد نشأ وترعرع تحت رعاية هذه الجماعة عديد من الشعراء من أنحاء العالم العربي المختلفة كما احتضنت شعراء مصر والعراق وسوريا والسودان وتونس ولبنان وغيرها.
             ومن أبرز مؤيديها الشاعر أحمد شوقي وخليل مطران وأحمد محرم وابراهيم ناجي وعلى محود طه وحَسن كامل الصيرفي وصالح جودت ومصطفى السحرتي وغيرهم ولم تكن هذه تمثل فلسفة فنية خاصة بل كانت مفتوحة العين لكافة الإتجاهات الشعرية والنقدية وقد احتفظت بمتانة التركيب وفحولة الأسلوب واشراق المعجم الشعري للمحافظين وبالتأمل والوحدة العضوية لمدرسة الديوان وبالمعنى الوضعي للغة والقلق الوجودي لمدرسة المهجر وبينما كان الشعر الغربي بدأ يستقر في أذهان الشعراء تاركا فيهم تأثيراتِه العميقة، كان شعراء هذه الجماعة الأدبية أكثرَهم التحاما بواقع هذا الشعر الغربي وخاصة بالإبداع الرومانتيكي فيه. ويلاحظ الدكتور محمد أحمد العزب " فكان لها من ذلك كله حصيلة دافعة إلى إجادة التعبير وتعصير الرؤية الشعرية من جانب وإلى التشتت بين هذه الإتجاهات والتيارات فلم تستقر على اتجاه واحد بعينه من جانب آخر"
            وآثرت أبولو الشكل المقطعي مزدوجا ومربعا ومخمسا بديلا عن الشكل الذي تنحصر فيه القصيدة بين صفتي بحر واحد وقافية واحدة كما نادت بالحرية التعبيرية وقد اتسم نتاجها الأدبي بالوجدان الذاتي وتضمَّن هو مضامين الحب العذري وحرية المرأة وفنية الطبيعة والحنين الى الوطن وغيرها.
مدرسة الشعر الحر:-
                 وبعد الحرب العالمية الثانية اطلع الأدب العربي على أيديولوجيات عديدة وهي قادته الى التحرك من سكونية العادة في النمط الشعري الى مغامرة التجريب والابتداع ومن أهم الأسباب لتفجر حركة الشعر الحر اتساع رقعة الثقافة الواردة على العالم العربي بما تحمل من سمات الحداثة وصفات العصرنة وقد ظهرت هذه الحركة في نهاية الأربعينات من القرن العشرين وهبت هذه الريح الثورية من العراق على لسان بدر شاكر السياب ونازك الملائكة فظل الشعر الحر ظاهرة من ظواهر الحياة الأدبية المعاصرة. ونادت هذه الحركة بالثورة على نظام القصيدة طارحة سؤالا هاما أي بينما تطور وتحول وتغير كل شيء، لم يحدث هذا في نظام القصيدة، لماذا؟ فدعت الى التمرد على البقاء في محدودية العروض الخليلي وطالبت بقيادة الفن وايتائه على نواميس التطور حتى يتحلى بأوصافه الحضارية المتقدمة والمستجيبة لإيقاع الحياة المعاصرة. وثورتها دعت الأدباء الى إنقاذ القصيدة من هفوة وحدة البيت والى إجراءها على وادي وحدة التفعيلة.
                وقدمت هذه المدرسة رسالة الاعراض عن القافية الضاغطة واستبدالها بقافية مرنة أو بإيقاعات داخلية ورسالة التمرد على الشكل الكلاسيكي لتحقيق المستوى العالي من التعبير عن مضامين حضارية حيوية فتقلدت أشعار هذه المدرسة سلسلة الرؤى العالمية والفلسفية كما نرى في دواوين نازك الملائكة مثل "شظايا ورماد" وقصائد بدر شاكر السياب الذي طال البحث وحر النقاش حول تأثره بالشاعر الإنجليزي المشهور "تومس اليوت" وهذا الشاعر الإنجليزي هو الذي وضع الأساس لحركة الشعر الحر فبنى الأدباء العرب على هذا الأساس قالبهم الحر ونوعوا في الصور البلاغية والمضامين الفلسفية ووظفوا فيها تقنيات درامية حيث افتتحوا القصائد بالافتتاحات الدرامية وزينوا شعرهم بالحوارات المتنوعة المثيرة في قلوب المستمعين دهشة ورغبة وجعلوا الأشياء العادية مواضيع قصائدهم كما نلمح ذاك في قصيدة " القطار" لنازك الملائكة.
               وقد اتضح أنه كان لفكر الواقعية الإشتراكية وفكر الوجودية الفرنسية تأثيرهما العميق على دفع هذه المدرسة الى الأمام ونحوَ الإتجاه الواقعي الإجتماعي من ناحية والواقع التجريدي من ناحية أخرى.
               ولم تنحصر ثورة الشعر الحر في شكل القصيدة ومضمونها بل توغلت الى لغتها وحطمت قواعدها المنطقية وابتكرت أنساقا تعبيرية لا توجد لها أصالة في طوق اللغة السائدة فنزعت مسامير العلاقات النحوية والبلاغية والتركيبية في الجمل. وبالجملة كانت هذه المدرسة مختبرا أدبيا فلسفيا لفك الهيكل الأدبي العادي التقليدي عضوا عضوا ولإعادة تشكيله من جديد بدون أي خطة مسبقة. وبالإجمال كان لهذه المدارس دور كبير في تحديث الأدب العربي وتجديده على أساس بناء الأدب الغربي.
المصادر والمراجع:-
حنا الفاخوري، الجامع في تاريخ الأدب العربي، دار الجيل - بيروت،1986
س. موريه، الشعر العربي الحديث 1800 – 1970، تطور أشكاله وموضاعته بتأثير الأدب الغربي، دار الفكر العربي
د. شوقي ضيف، الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف
محمد أحمد العزب، عن اللغة والأدب والنقد، دار المعارف، 1970
تاريخ الأدب العربي : العصر الحديث، دار المعارف
د. محمد غنيمي هلال، دور الأدب المقارن في توجيه دراسات الأدب العربي المعاصر، دار   نهضة مصر،
M.M Badawi, A Short History of Modern Arabic Literature, Clarendon Press.Oxford, 1993.

الخميس، 9 يناير 2014

ملاحظات حول الأدب المقارن وأهمية دراسته


ملاحظات حول الأدب المقارن وأهمية دراسته

     محمد شافعي كي في  (باحث في جامعة جواهرلال نهرو، دلهي)
           
أحب أن أتقدم بخالص الشكر لمنظمي هذه الندوة لاختيارهم الأدب المقارن موضوعا للنقاش لأن هذا الموضوع جديد يستحق البحث حقا. وأعتقد أن هذه الجلسة ستقدم للطلبة عالما جديدا معجبا قلما تعرفوا عليه في حياتهم الأدبية.
            أما الأدب المقارن فهو دراسة أوروبية النشأة والاتجاه وهو فرع  جديد من فروع الأدب أخذت مظاهره تتجلى وتشرق في القرن العشرين وفي نصفه الثاني بشكل خاص. وقد توسع هذا الفرع كثيرا في العقود الأخيرة حتى أصبحت تعاريفه التي قدمها الأدباء والنقاد غير جامعة وغير مانعة. يقول الدكتور طه ندا في تعريف الأدب المقارن "الأدب المقارن  بالاجمال دراسة الأدب القومي في علاقاته التاريخية بغيره من الآداب كيف اتصل هذا الأدب بذلك الأدب، وكيف أثر كل منهما في الآخر، ماذا أخذ هذا الأدب وماذا أعطى" ولكن هذا التعريف الذي بني على أساس النظرية الفرنسية النقدية لا يسع لمعان تعطيها النظرية الأمريكية للأدب المقارن.
            وطلوع هذا الفرع الأدبي في العالم العربي يرتبط ارتباطا متينا بالشخصية البارزة الدكتور محمد غنيمي هلال لاصداره كتابا في عام 1953 يحمل عنوانا " الأدب المقارن" ويتناول هذا الأدب علميا ومنهجيا وهو يعد رائد الدراسات الأدبية المقارنة في العالم العربي وقد وسع ثقافته وصقل علومه خلال حياته في الأرض الفرنسية فتأثر بمبادئ المدرسة الفرنسية  في الأدب المقارن. ونجد في الأدب العربي قبل اصدار هذا العمل كتبا بنفس العنوان مثل ما كتب عبد الرازق حميدة والدكتور ابراهيم سلامة بل هي كانت تقوم على اجتهادات فردية لا تستند على أساس علمي منهجي ولا تقوم على ادراك واضح واستيعاب كامل لمفهوم الأدب المقارن ومناهج دراسته. ومن الملاحظات التي يقدمها الدكتور غنيمي أنه لا يندرج تحت بحث هذا الأدب "ما يعقد من مقارنة بين آداب ليست بينها صلة تاريخية بل هو فقط بين الآداب التي فيما بينها علاقات التأثير والتأثر"
             وعلى هذه الملاحظة يمكن القول إن الأدب المقارن هو دراسة تاريخية تستخرج ما سبق تواجده بين الأداب وأعمالها من علاقة ومشابهة وتأثرات وتأثيرات فيبدو لنا الأدب المقارن من هذا المضمار ميدانا أقلَ رَحابة وأضيقَ مِساحة. ثم تناولت المدرسة الأمريكية هذه الظاهرةَ الأدبية وجعلتها نقدية فوسعت ميادينها حيث أدخل فيها أهلها المقارنة بين فنون الأدب وبين الفنون والعلوم الأخرى مثل موسيقى والفلسفة وغضوا أبصارهم عن العناصر الخارجية مثل المؤثرات وأولوا اهتماما بالغا بالعناصر والقيم الداخلية.
            واذا سرنا تَسيارا سريعا في أشياء خلفتها النسخة العربية لهذا الأدب المقارن نلمح أهمية هذا النوع من الأدب وهي في الواقع تفتح لنا بابا جميلا للتعرف - وربما الى حد التعمق – على حقيقة الأدب العربي وفهم موقفه في المستوى العالمي.
              وقد جرت كثيرا بين الأدب العربي والأداب العالمية الأخرى تبادلات أدبية ملحوظة ملموسة فتلقى الأدب العربي منها وأعطاها أيضا كما نجد الأدب الفارسي يتأثر بقافية الأدب العربي وهذا ما نلاحظ في شخصية الشاعر الألماني "جوته" (Goethe) فقد تأثر بكل ما في الشرق من أديان وشعوب وآداب، ويبدو من ديوانه " الديوان الشرقي للمؤلف الغربي " تأثره الشديد بالاسلام والقرآن والأدب العربي والفارسي. أما ما أخذ الأدب العربي من الآداب العالمية الأخرى فهو بكثير، بالرغم من أنه لم يتعرض لتلقي النظريات الأدبية الحديثة الا متأخرا، بحيث لا نجد فنونه تتحرر من عقال قيودها القديمة الا في نهاية القرن التاسع عشر أو في مستهل القرن العشرين.
             ومنذ هذا الحد من الزمان أخذ الأدب العربي يتشكل صورته العصرية وبدأ يتناول موضوعات حديثة ويكتسي ثيابا جديدة ولكن هذه العملية – عملية التغير والتلقي – لم تكن تجري الا ببطء وتأن. وبعد الحرب العالمية الثانية ازدادت العملية سرعة وشدة ووضعت نابها على الأدب العربي بكامله واذا قلبنا صفحات الأدب المقارن نجد الناقد الأديب الكبير طه حسين يبني أساسا لعمله النقدي "في الشعر الجاهلي" بالنظر الى طريقة ديكارت ونجد في خطوط تلك الصفحات مدارس عربية أدبية تطلع وتلمع على أساس ثقافة أصحابها الواسعة وتأثرهم العميق بالآداب الغربية والأجنبية. كما نلمح ذلك في دواوين نازك الملائكة وبدر شاكر السياب من  مدرسة الشعر الحر وفي روايات جبران خليل جبران وأشعار رشيد خوري من مدرسة المهجر وفي النتاج النقدي لعباس محمود العقاد وابراهيم عبد القادر المازني من مدرسة الديوان.
               وبالجملة يساعدنا الأدب المقارن العربي على تلقي المعرفة عن الآداب الأجنبية ومظاهرها الفنية وعلى تقييم الأدب العربي حق التقييم ويوسع ثقافتنا الأدبية واللغوية والعلمية
    وأحب أخيرا أن أقدم مطالبة بسيطة مع احترام وتوقير الى أساتيذنا الكرام بمحاولتهم لإدخال مادة "الأدب المقارن" في مقرراتنا الجامعية لتوسيع الطلبة ثقافتهم بالإستفادة منها.





المصادر والمراجع:
1  د. طه ندا، الأدب المقارن، دار النهضة العربية، 1991
2  د. عبد الحميد ابراهيم، الأدب المقارن من منظور الأدب العربي، دار الشروق، 1997
3  د. عبده عبود، الأدب المقارن مشكلات وآفاق، اتحاد الكتاب العرب، 1999
4  فخري أبو السعود، في الأدب المقارن ومقالات أخرى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997
5 د. محمد غنيمي هلال، دور الأدب المقارن في توجيه دراسات الأدب العربي المعاصر، دار   نهضة مصر،
6  د. محمد غنيمي هلال، دراسات أدبية مقارنة، دار نهضة مصر، 

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

دور فيس بوك في إثراء اللغة العربية

بقلم: محمد علي الوافي ـ الباحث/ مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جوهرلال نهروـ نيودلهي
وقبل سنة أو سنتين، كانت مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع فيس بوك، في اعتقاد كثيرين مجرد موقع لتحميم الصداقات والتواصل بين الأصدقاء الذين تعذروا عليهم الالتقاء. ومع تقدم الزمن وتطور التكنولجيات تطورت معها إمكانيات استخدام التواصل الاجتماعي، وتوسعت نطاقها، ووجد فيها نشاطات كبرى في المجال المختلفة، حتى أثرت هذه المواقع في مستوى حياة الإنسانية بتمامها، دينية كانت أو دنيوية، سياسية كانت أو اجتماعية، لغوية كانت أو حضارية.
فيس بوك والعالم العربي
وقد بلغ عدد مستخدمي فيس بوك في العالم العربي 32 مليون مستخدم في أغسطس 2011 حسب تقرير لكلية دبي للإدارة الحكومية.  وتعتبر مصر هي الأولى في الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك، حيث يضم موقعها 11.3 مليون مشترك وفقا لإحصائيات يونيو 2011 ، وكذلك يعد فيس بوك هو ثاني أكثر المواقع زيارة في السعودية بعد جوجل السعودية حسب تصنيف موقع اليكسا، ويبلغ عدد المشتركين من داخل المملكة العربية السعودية 4.3 مليون مشترك وفقا لإحصائيات يونيو 2011.[1]
ارتفع عدد مستختمدي فيسبوك ارتفاعا كبيرا في معظم البلدان العربية، وتجاوز عدد مستخدمي فيس بك 677 مليون مستخدم في أبريل من العام ذاته، وجاءت منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق التي كان لها النصيب الوفير من حيث عدد المستخدمين الجدد، وتجاوز عدد مستخدمي الهواتف الجوالة بها 250 مليون. وازداد استخدام فيس بوك بشكل ملحوظ في البلدان التي انطلقت فيها الاحتجاجات ولهب اللربيع العربي.
فيس بوك واللغة العربية
ومع ازدياد مستخدمي الإنترنت، ازداد عدد المستخدمين للمواقع الاجتماعي من منطقة الشرق الأوسط الذين يستخدمون اللغة العربية، وقد اشترك إلى فيس بوك جمّ غفير من الناس الذين سهل عليهم الاكتشاف على عالم واسع . وهذه الظاهرة قد أتاحت فرصةً سانحةً لجميع طبقات الناس، ليعبروا آراءهم في صفحات فيس بوك، فظهرت عدةُ محاولاتٍ فرديةٍ لخدمةِ اللغةِ العربية، من خلالِ مواقعِ التواصل الاجتماعي، وبخاصةٍ فيس بوك وتوتر، يقودُها متخصّصون معروفون أو محبّون للغة.   
وقد صارت نشاطات فيس بوك حيوية بعد أن شارك فيها الأدباء والشعراء المعاصرون المشهرون والمعاهد العلمية والأدبية واللغوية التي تجعل لها صفحة تشاطر خلالها النشاطات والفعاليات التي تقوم بها تلك المعاهد والأدباء والشعراء. أما عامة الناس في فيس بوك، منهم من يعجبون بأديب أو شاعر ما، يشتركون في صفحاتهم لتصل إليهم القطعات الأدبية التي يلقيها الشاعر في صفحاته. ولذا نجد معظم الشعراء الذين لم يطر صيتهم في المكاتب، مع أنّ لديهم قدرة فائقة للتعبير والإنشاء، يلجؤون إلى صفحاتهم في فيس بوك، وذلك واضح لأن الاشتراك في فيس بوك لا يحتاج إلى مبلغ هائل الذي ربما يحتاج إليه الشاعر أو الأديب حينما يريد أن ينشرها في كتب مقروء. وكذلك الشعراء المشهورون المعاصرون يلجؤون أيضا إلى صفحاتهم في فيس بوك، لأن قوة الانتشار في فيس بوك وتوتر ويوتوب وهي أكثر بالنسبة إلى الكتب المدونة التي ربما لا يحصل عليها عامة الناس. ومن أسباب لجوء الأدباء والشعراء وكذلك المؤسسات والمعاهد إلى صفحات فيس بوك وهو خصائصه التالي.
من أبرزِ خصائصِ تلك المواقع[2]:
1- الانتشارُ السريع، وتقبّلُ الناس لها، لسهولتِها ويسرها، ويبدو أنها ستأتي على البقيةِ الباقيةِ من حظوظِ الكتاب.
2- أنّ تلك المواقعَ التفاعليةَ تحولتْ إلى ما يشبهُ الصالونات العلميةَ والأدبيةَ والفكريةَ الحيّةَ والدائمةَ على مدار الساعة.
3- أنّ لدى تلك الحسابات من الخصائص الفنية ما يساعدُ على ممارسة رواية اللغة بمفهومِها المصطلحيِّ القديم، ويمكِنُ لها جمعُ اللهجات والألفاظِ والدلالات بطريقةٍ عصريةٍ ميسورةٍ مصحوبةٍ بالنقاش.
4- أنها تمتلكُ عناصرَ الجذب لعموم الناس، من متخصّصينَ وغير متخصصين، ومن الجنسين.
5- أنها أسهمتْ في تهذيب اللهجات وربطِها بالفصحى، ولفتتْ أنظارَ عامّة الناس إلى ما تحتَ أيديهم من كنوزٍ تبدو ملطخةً بوحلِ العاميّات.
6- أنها أزالتِ الفكرةَ المتأصلةَ في عقولِ الناس، المتمثّلةَ في الزعم أنّ دراسةَ العربية صعبةٌ، فأرتهم بطريقةٍ تطبيقيةٍ أن الدرسَ اللغويَّ قريبُ المتناول، وليس بمعزلٍ عنهم، ممّا يسهمُ في حلّ معضلةِ القصور العامِّ في دراسة النحو ويكسرُ حاجزَه النفسي.
7- أنها فعّلتِ التواصلَ العلميَّ بين المدارس اللغوية وأسهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في تعارف المتخصصين، وتناقل المعرفة بينَهم، وقد تكونُ وسيلةً رائدةً للترابطِ الأكاديميِّ والتعاونِ المباشرِ مع المؤسسات التعليميةِ.
ومما تشير إلى شعبية الأدب والشعر وشهرته في فيس بوك ــ مثلا ـ صفحة الشاعر عبد الرحمن صالح العشماوي ، والشاعر حي يعيش بيننا ــ وقد كتب في صفحاته هذه القطعة التي تهزّ بكيان الأمة الإسلامية
مابالُ أمّتِنا ألْقَتْ عباءتَها
وأصبحتْ لُعْبةً من أهْوَنِ اللُّعَبِ ؟!
مابالُها أصبحتْ تجري بلا هدَفٍ
وترتمي في يدَيْ لصٍّ ومُغْتَصِبِ ؟![3]
وحينما كتب الشاعر هذه القطعة الشعرية في صفحته في فيس بوك، نشرها (shared) آلاف من المشاهدين و أعجبوا بها. ويدل هذا على أن هناك في فيس بوك رجال ونساء لهم ذوقهم الأدبية السليمة. وكذلك نجد في صفحات الشاعر تميم البرغوثي ، والشاعر هشام الجخ المصري وغيرهم الشعراء لهم متابعوهم في صفحاتهم في فيس بوك.
التحديات:
وكما أن للفيس بوك دورا فعالا في إثراء اللغة العربية وأدبها، وكذلك لها جانبها السلبي تعرقل سبل تقدم اللغة العربية ومنها ما يلى:
1-              استخدام اللغة العامية التي تعرقل تطور اللغة الفصحى، ولعل السبب في استعمالها هو اختيار بعض أصحاب فيس بوك أسماء عامية أو أجنبية غير عربية.
2-              استخدام الرموز والأرقام مكان الأحرف ولغة القرآن، مثلا الحاء يرمز إليها بالرقم 7 والهمز بالرقم 2 والعين بالرقم 3.
3-              وتعد هذا الموقع ــ يعني ــ فيس بوك مجرد هواية عند أكثر الناس، ولذا يغيب عنه من له شغل هام.
4-              عزوفُ الأكاديميينَ المختصصين في اللغةِ عن هذه المواقعِ وانغلاقُهم في قاعاتِ الدرس.. ويعتمد نجاح المواقع اللغويةِ غالباً على التفاعل والمتابعة الدائمة، وأهلُ الاختصاصِ الذين ولجوا إلى هذا المجال لديهم من الالتزامات العلميةِ والأشغال ما يحولُ دونَ ذلك.
5-              تفشي الأسماءِ المستعارة لدى المتابعين مما يحدُّ من مصداقيتِها، ويسلبُها شيئاً من الإحساس بالمسؤولة.
على أي حال، وفق مضامين تقرير spoton احتلت اللغة العربية المركز الأول على قائمة اللغات الأكثر استخداما على الموقع فيس بوك الاجتماعي بنسبة 39% وذلك وفقا لآخر الدراسات التي أجريت في البلدان الجزائر، والبحرين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، عمان، فلسطين، قطر، المملكة العربية السعودية، تونس، الإمارات العربية المتحدة واليمن، وتجدر الإشارة إلى أن هناك 15.6 مليون مستخدم يستعملون الواجهة العربية من المواقع.
وتكشف الإحصائيات التي توجد من مجرد البحث عن الكلمة ’الأدب وfacebook‘ وهي تأتي بــــ 29800000 نتيجة وكلمة ’الشعر و facebook‘ تأتي بـــ 98300000 نتيجة، وكلمة النثر وfacebook‘ تأتي ب6660000 نتائج[5]. وهذه الإحصائيات تدل على كثرة صفحات فيس بوك التي تعني بللغة العربية، وهذه الصفحات كلها بل جلها تلعب دورا فعّالا في إثراء اللغة العربية في عالم الإنترنت.



المراجع:
دراسة : الإعلام الاجتماعي الحراك المدني: تأثير فيس بوك وتوتر : تقرير الإعلام الاجتماعي العربي، كلية دبي للإدارة الحكومية.
http://ar.wikipedia.org


[1] http://ar.wikipedia.org
[2]  أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي، جريدة المدينة، ملحق الرسالة، الجمعة 1434/2/22 هـ 2013/01/04 م العدد : 18153

 https://www.facebook.com/pages/الشاعر-الدكتور-عبد-الرحمن-العشماوي/[3]


[5]  https://www.google.co.in

الأحد، 11 أغسطس 2013

مساهمة الهنود في الأدب العربي

بقلم الأخ محمد علي الوافي كرواتل/كيرلا
 الباحث / مركز الدراسات العربية والإفريقة ــ جامعة جوهرلال نهروــ نيودلهي

المقدمة:
ما زالت، ولا تزال الهند تلعب دورا بارزا في تنمية وتطوير اللغة العربية وآدابها منذ طلوع نور الإسلام على أفق بلاد الهند وسمائها، وقام العلاماء الهنود بإسهامات كبرى في تنشئة النثر العربي عبر العصور والدهور. وهذه حقيقة ناصعة جلية واضحة لا يمكن الرفض والإنكار لمن أراد أن يقوم بمسؤولية البحث عن العلوم الدينية والإنتاجات العربية في شبه القارة الهندية.
انتشرت اللغة العربية في الهند مع انتشار الإسلام في ربوع الهند وأرجائها ويرجع الفضل إلى أولئك العرب الذين شرفوا بقدومهم أرض الهند، ونزلوا بها واستوطنوها. "وينص التاريخ على أن الإسلام وصل إلى الهند في القرن الأول الهجري، وكيرلا هي البقعة الأولى في الهند التي أشرفت بنور الإسلام أولا، وذلك بواسطة التجار العرب المسلمين"[1].
مساهمة الأدباء الهنود
لو ألقينا النظر إلى بطون التاريخ وتصفحنا أوراقه بحثا عن خدمات العلماء الأدباء الهنود في النثر والشعر العربي الهندي لوجدنا أن الهند قد أنجبت عددا لا يستهان به من عباقرة وعمالقة في الأدب واللغة والسير، وإضافة إلى ذلك قد صاروا مشهورين بتضلعهم باللغة العربية وقدرتهم  الفائقة على البيان، وأصبحت مؤلفاتهم القيمة مرجعا ومصدرا للباحثين والدارسين وفاقت العالم كله والتي تجاوزت شهرتها الهند. وليس هناك شك في أن اللغة العربية موضع احترام وتقدير لدى مسلمي الهند. وتعد الهند اليوم من أهم المراكز الرئسية للثقافة الإسلامية في العالم الإسلامي، إذ تضم مئات المعاهد والمدارس التي تقوم بتعليم اللغة العربية وآدابها. وهذا إلى جانب الجامعات الحكومية والمؤسسات الرسمية العديدة التي تعتني بالبحوث العربية في شتى جوانبها.
الأدباء
عبد الحق سيف الدين الدهلوي ــ 1551م ـــ 1642م
يعدّ هذا العالم المشهور أول من حمل راية التفوق في مجال العلم، لا سيما علم الحديث ولد بمدينة دلهي. أخذ الحديث بمكة عن الشيخ عبد الوهاب، وبالمدينة عن الشيخ محمد بن أحمد. ومن تصانيفه مدارج النبوة، أخبار الأخيار، أشعة اللمعات، زبدة الآثار، شرح فتوح الغيب للجيلاني وزاد المتقين وغيرها من الكتب المشهورة في مجال اللغة العربية.
الشاه ولي الله الدهلوي ــ 1073ه ــ 1762ه
هو الشيخ إمام الأئمة علاّمة العلماء وارث الأنبياء آخر المجتهدين قطب الدين أحمد ولي الله عبد الرحيم الدهلوي، ولد في أيام عالمكير، وقرأ على والده أمهات الكتب، وكان رحمه الله فصيحا في اللغة العربية وخبيرا بفنونها. وكتابه الفوز الكبير دليل يشاهد على براعته، وقد ألف أكثر من أربعين كتابا في شتى فروع العلم ومن أهمها حجة الله البالغة ، والمصفى شرح الموطّأ، وفتح الرحمن في ترجمة القرآن، وفتح الخبير، وشفاء القلوب، والتفهيمات الإلاهية.
أنور شاه الكشميري ــ 1292ه ـــ 1352ه
هو أحد الفقهاء الحنفية وعلماء الحديث الأجلاء ولد في كشمير سنة 1292ه. ومنذ طفولته ظل الشيخ عاكفا على الدرس والإفادة منقطعا إلى مطالعة الكتب لا يعرف اللذة في غيرها. ومن مصنفاته تعليقات على فتح القدير، وتعليقات على الأشباه والنظائر، وتعليقات على صحيح مسلم، مشكلات القرآن، وفيض الباري.
أبو الحسن علي الندوي ــ 1914م ــ 1999م
هو تحفة الهند إلى اللغة العربية وأهلها. وكانت أسرته من أصل عربي، بدأ تعلمه في حجر أمه بقراءة القرآن، تمهر في الأردوية والفارسية والإنجليزية وفوق كل هذه في العربية. وفي سنة 1961م انتخب ناظم دار العلوم ندوة العلماء، واختير عضوا في المجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي، ورحل إلى البلدان العربية كلها.
تشهد كتاباته بالعربية والأردوية على قدرته في التأليف، وكتاباته تسيل بلغة بليغة ومنها ’ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين‘ ورجال الفكر والدعوة في الإسلام، ومختارات في الأدب العربي، السيد أحمد الشهيد، الطريق إلى المدينة والمرتضى وغيرها.

الشعراء
غلام علي آزاد البلكرامي ــ 1110ه ــ 1200ه
هو حسان الهند، لم يكن له نظير في زمانه في النحو واللغة والشعر والبديع والتاريخ. رحل إلى الحجاز فحج، وقرأ بالمدينة الصحاح، وكان حسان الهند ومداح النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجد في مدحه معان كثيرة، وله مصنفات ممتعة منها: ضوء الدراري، وتسلية الفؤاد في قصائد آزاد، شفاء الغليل، غزلان الهند، روضة الأولياء، ومن أشهر ما كتبه سبحة المرجان في آثار هندوستان.
صدقة الله القاهري ــ 1042ه
ولد في أسرة قادمة من مصر سنة 1042ه، أخذ العلم على يد والده، ثم تجوّل في المدن الهندية واستفاد من علمائها. وانتقل رحمه الله إلى جوار ربه جل وعل تاركا وراءه مؤلفات عديدة، منها: توضيح الدلالة في تصحيح الجلالة، تخميس قصيدة البردة، تخميس قصيدة بانت سعاد.
القاضي عمر علي البلنكوتي ـ 1757م ــ 1852م
هو الشيخ الإمام العارف بالله والشاعر البليغ القاضي البلنكوتي من أبناء كيرلا. تعلم العلوم من جامع بلنكوت ومن فنّان ـ مركز العلوم في كيرلا. وكان رحمه الله داعيا إلى الله ومجاهدا في سبيله وحاربا حكومة البريطان. وكان شاعرا بليغا متضلعا من اللغة العربية. ومن مصنفاته الشعرية: نفائس الدرر، والقصيدة العمرية ، وصلى الإله وغيرها. توفي هذا المجاهد الكبير سنة 1852م.

مساهماتهم الخالدة
نزهرة الخواطر
’نزهة الخواطر بهجة السامع والنواظر‘ كتاب مشهور ألفه مؤرخ الهند الكبير العلامة عبد الحي فخر الدين الحسني، ذكر فيه تراجم أعيان الهند وطبقاتهم. وجاء بهذا الكتاب في ثمانية أجزاء كبار، سجل فيه أعيان الهند من القرن الإسلامي الأول حتى القرن الحاضر. وقد ظهر هذا الكتاب الذي ذاع صيته في سنة 1947م.
الثقافة الإسلامية في الهند
هو كتاب جليل في هذا الموضوع، سجل فيه صاحبه الثقافة الإسلامية الهندية وآثار علماء الهند وأدبائها وشعرائها في العهود الإسلامية، قسم الشيخ عبد الحي الحسني هذا الكتاب إلى أربعة أبواب، الأول في اللغة ونحوها وعروضها، والثاني في العلوم الشرعية والثالث في العلوم العقلية والرابع في الشعر والشعراء. ولاشك أن هذا الكتابهو معجم الكتب العربية.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام
هذا الكتاب مجموعة المحاضرات التي ألقاها السيد أبو الحسن علي الندوي في المدرج الكبير للجامعة السورية بدمشق، ويتحدث هذا الكتاب عن تاريخ الإصلاح في حياة المسلمين السياسية والدينية والاجتماعية. وتتحدث عن العلماء المسلمين المصلحين الكبار.

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
أشار المشيرون وأرشد المرشدون الشباب بمطالعة هذا الكتاب. وانتشرت شهرة الكتاب والكاتب في العالم بعد أن ظهرت الطبعة الأولى سنة 1950م. ويشير هذا الكتاب حقا إلى معرفة الكتاب بالإسلام معرفة صحيحة، ويوضح العالم في ثلاثة أبواب، والأول العصر الجاهلي والثاني من الجاهلية إلى الإسلام والثالث العصر الإسلامي.
سبحة المرجان في آثار هندوستان
هو من أشهر مصنفات السيد غلام علي آزاد البلغرامي، ألّفه سنة 1177ه، وهو كتاب يقع في أربعة فصول يتناول فضائل الهند ومزاياها. أصدر الكتاب أولا سنة 1303 ه من ممباي.
تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين
مؤلّف هذا الكتاب هو الشيخ زين الدين بن محمد الغزالي الفناني. وقد ألفه رحمه الله لغاية مؤقتة وهي حث شعبه وأمته المسلمة على مقاومة القوة البرتغالية، ولكن صار فيما بعد المرجع الأصلي إلى تاريخ المليبار القديم. وينقسم هذا الكتاب إلى أربعة أقسام، وهو المرجع المعتمد للباحثين عن المليبار وتاريخها ومسلميها.



المصادر والمراجع
·       إدريس أحمد، الأدب العربي في شبه القارة الهندية، الطبعة الأولى 1998م.
·       الفاروقي ويران محي الدين، الشعر العربي في كيرلا مبدأه وتطوره، الطبعة الثالثة 2003م.
·       الفاروقي جمال الدين، أعلام الأدب العربي في الهند، مكتبة الهدى كالكوت 2008م.
·       اللكنوي السيد عبد الحي الحسني، نزهة الخواطر الإعلام بمن في تاريخ الهند، دار ابن حزم، دمشق.
·       اللغة العربية وآدابها، المجددي محمد، والفاروقي محمد إسماعيل.
·       الندوي، أبو الحسن علي، المسلمون في الهند، المجمع العلمي الإسلامي، لكنو1998م.



[1]  الشعر العربي في كيرلا مبدأه وتطوره : الدكتور ويران محي الدين الفاروقي.