الاثنين، 23 ديسمبر 2013

دور فيس بوك في إثراء اللغة العربية

بقلم: محمد علي الوافي ـ الباحث/ مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جوهرلال نهروـ نيودلهي
وقبل سنة أو سنتين، كانت مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع فيس بوك، في اعتقاد كثيرين مجرد موقع لتحميم الصداقات والتواصل بين الأصدقاء الذين تعذروا عليهم الالتقاء. ومع تقدم الزمن وتطور التكنولجيات تطورت معها إمكانيات استخدام التواصل الاجتماعي، وتوسعت نطاقها، ووجد فيها نشاطات كبرى في المجال المختلفة، حتى أثرت هذه المواقع في مستوى حياة الإنسانية بتمامها، دينية كانت أو دنيوية، سياسية كانت أو اجتماعية، لغوية كانت أو حضارية.
فيس بوك والعالم العربي
وقد بلغ عدد مستخدمي فيس بوك في العالم العربي 32 مليون مستخدم في أغسطس 2011 حسب تقرير لكلية دبي للإدارة الحكومية.  وتعتبر مصر هي الأولى في الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك، حيث يضم موقعها 11.3 مليون مشترك وفقا لإحصائيات يونيو 2011 ، وكذلك يعد فيس بوك هو ثاني أكثر المواقع زيارة في السعودية بعد جوجل السعودية حسب تصنيف موقع اليكسا، ويبلغ عدد المشتركين من داخل المملكة العربية السعودية 4.3 مليون مشترك وفقا لإحصائيات يونيو 2011.[1]
ارتفع عدد مستختمدي فيسبوك ارتفاعا كبيرا في معظم البلدان العربية، وتجاوز عدد مستخدمي فيس بك 677 مليون مستخدم في أبريل من العام ذاته، وجاءت منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق التي كان لها النصيب الوفير من حيث عدد المستخدمين الجدد، وتجاوز عدد مستخدمي الهواتف الجوالة بها 250 مليون. وازداد استخدام فيس بوك بشكل ملحوظ في البلدان التي انطلقت فيها الاحتجاجات ولهب اللربيع العربي.
فيس بوك واللغة العربية
ومع ازدياد مستخدمي الإنترنت، ازداد عدد المستخدمين للمواقع الاجتماعي من منطقة الشرق الأوسط الذين يستخدمون اللغة العربية، وقد اشترك إلى فيس بوك جمّ غفير من الناس الذين سهل عليهم الاكتشاف على عالم واسع . وهذه الظاهرة قد أتاحت فرصةً سانحةً لجميع طبقات الناس، ليعبروا آراءهم في صفحات فيس بوك، فظهرت عدةُ محاولاتٍ فرديةٍ لخدمةِ اللغةِ العربية، من خلالِ مواقعِ التواصل الاجتماعي، وبخاصةٍ فيس بوك وتوتر، يقودُها متخصّصون معروفون أو محبّون للغة.   
وقد صارت نشاطات فيس بوك حيوية بعد أن شارك فيها الأدباء والشعراء المعاصرون المشهرون والمعاهد العلمية والأدبية واللغوية التي تجعل لها صفحة تشاطر خلالها النشاطات والفعاليات التي تقوم بها تلك المعاهد والأدباء والشعراء. أما عامة الناس في فيس بوك، منهم من يعجبون بأديب أو شاعر ما، يشتركون في صفحاتهم لتصل إليهم القطعات الأدبية التي يلقيها الشاعر في صفحاته. ولذا نجد معظم الشعراء الذين لم يطر صيتهم في المكاتب، مع أنّ لديهم قدرة فائقة للتعبير والإنشاء، يلجؤون إلى صفحاتهم في فيس بوك، وذلك واضح لأن الاشتراك في فيس بوك لا يحتاج إلى مبلغ هائل الذي ربما يحتاج إليه الشاعر أو الأديب حينما يريد أن ينشرها في كتب مقروء. وكذلك الشعراء المشهورون المعاصرون يلجؤون أيضا إلى صفحاتهم في فيس بوك، لأن قوة الانتشار في فيس بوك وتوتر ويوتوب وهي أكثر بالنسبة إلى الكتب المدونة التي ربما لا يحصل عليها عامة الناس. ومن أسباب لجوء الأدباء والشعراء وكذلك المؤسسات والمعاهد إلى صفحات فيس بوك وهو خصائصه التالي.
من أبرزِ خصائصِ تلك المواقع[2]:
1- الانتشارُ السريع، وتقبّلُ الناس لها، لسهولتِها ويسرها، ويبدو أنها ستأتي على البقيةِ الباقيةِ من حظوظِ الكتاب.
2- أنّ تلك المواقعَ التفاعليةَ تحولتْ إلى ما يشبهُ الصالونات العلميةَ والأدبيةَ والفكريةَ الحيّةَ والدائمةَ على مدار الساعة.
3- أنّ لدى تلك الحسابات من الخصائص الفنية ما يساعدُ على ممارسة رواية اللغة بمفهومِها المصطلحيِّ القديم، ويمكِنُ لها جمعُ اللهجات والألفاظِ والدلالات بطريقةٍ عصريةٍ ميسورةٍ مصحوبةٍ بالنقاش.
4- أنها تمتلكُ عناصرَ الجذب لعموم الناس، من متخصّصينَ وغير متخصصين، ومن الجنسين.
5- أنها أسهمتْ في تهذيب اللهجات وربطِها بالفصحى، ولفتتْ أنظارَ عامّة الناس إلى ما تحتَ أيديهم من كنوزٍ تبدو ملطخةً بوحلِ العاميّات.
6- أنها أزالتِ الفكرةَ المتأصلةَ في عقولِ الناس، المتمثّلةَ في الزعم أنّ دراسةَ العربية صعبةٌ، فأرتهم بطريقةٍ تطبيقيةٍ أن الدرسَ اللغويَّ قريبُ المتناول، وليس بمعزلٍ عنهم، ممّا يسهمُ في حلّ معضلةِ القصور العامِّ في دراسة النحو ويكسرُ حاجزَه النفسي.
7- أنها فعّلتِ التواصلَ العلميَّ بين المدارس اللغوية وأسهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في تعارف المتخصصين، وتناقل المعرفة بينَهم، وقد تكونُ وسيلةً رائدةً للترابطِ الأكاديميِّ والتعاونِ المباشرِ مع المؤسسات التعليميةِ.
ومما تشير إلى شعبية الأدب والشعر وشهرته في فيس بوك ــ مثلا ـ صفحة الشاعر عبد الرحمن صالح العشماوي ، والشاعر حي يعيش بيننا ــ وقد كتب في صفحاته هذه القطعة التي تهزّ بكيان الأمة الإسلامية
مابالُ أمّتِنا ألْقَتْ عباءتَها
وأصبحتْ لُعْبةً من أهْوَنِ اللُّعَبِ ؟!
مابالُها أصبحتْ تجري بلا هدَفٍ
وترتمي في يدَيْ لصٍّ ومُغْتَصِبِ ؟![3]
وحينما كتب الشاعر هذه القطعة الشعرية في صفحته في فيس بوك، نشرها (shared) آلاف من المشاهدين و أعجبوا بها. ويدل هذا على أن هناك في فيس بوك رجال ونساء لهم ذوقهم الأدبية السليمة. وكذلك نجد في صفحات الشاعر تميم البرغوثي ، والشاعر هشام الجخ المصري وغيرهم الشعراء لهم متابعوهم في صفحاتهم في فيس بوك.
التحديات:
وكما أن للفيس بوك دورا فعالا في إثراء اللغة العربية وأدبها، وكذلك لها جانبها السلبي تعرقل سبل تقدم اللغة العربية ومنها ما يلى:
1-              استخدام اللغة العامية التي تعرقل تطور اللغة الفصحى، ولعل السبب في استعمالها هو اختيار بعض أصحاب فيس بوك أسماء عامية أو أجنبية غير عربية.
2-              استخدام الرموز والأرقام مكان الأحرف ولغة القرآن، مثلا الحاء يرمز إليها بالرقم 7 والهمز بالرقم 2 والعين بالرقم 3.
3-              وتعد هذا الموقع ــ يعني ــ فيس بوك مجرد هواية عند أكثر الناس، ولذا يغيب عنه من له شغل هام.
4-              عزوفُ الأكاديميينَ المختصصين في اللغةِ عن هذه المواقعِ وانغلاقُهم في قاعاتِ الدرس.. ويعتمد نجاح المواقع اللغويةِ غالباً على التفاعل والمتابعة الدائمة، وأهلُ الاختصاصِ الذين ولجوا إلى هذا المجال لديهم من الالتزامات العلميةِ والأشغال ما يحولُ دونَ ذلك.
5-              تفشي الأسماءِ المستعارة لدى المتابعين مما يحدُّ من مصداقيتِها، ويسلبُها شيئاً من الإحساس بالمسؤولة.
على أي حال، وفق مضامين تقرير spoton احتلت اللغة العربية المركز الأول على قائمة اللغات الأكثر استخداما على الموقع فيس بوك الاجتماعي بنسبة 39% وذلك وفقا لآخر الدراسات التي أجريت في البلدان الجزائر، والبحرين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، عمان، فلسطين، قطر، المملكة العربية السعودية، تونس، الإمارات العربية المتحدة واليمن، وتجدر الإشارة إلى أن هناك 15.6 مليون مستخدم يستعملون الواجهة العربية من المواقع.
وتكشف الإحصائيات التي توجد من مجرد البحث عن الكلمة ’الأدب وfacebook‘ وهي تأتي بــــ 29800000 نتيجة وكلمة ’الشعر و facebook‘ تأتي بـــ 98300000 نتيجة، وكلمة النثر وfacebook‘ تأتي ب6660000 نتائج[5]. وهذه الإحصائيات تدل على كثرة صفحات فيس بوك التي تعني بللغة العربية، وهذه الصفحات كلها بل جلها تلعب دورا فعّالا في إثراء اللغة العربية في عالم الإنترنت.



المراجع:
دراسة : الإعلام الاجتماعي الحراك المدني: تأثير فيس بوك وتوتر : تقرير الإعلام الاجتماعي العربي، كلية دبي للإدارة الحكومية.
http://ar.wikipedia.org


[1] http://ar.wikipedia.org
[2]  أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي، جريدة المدينة، ملحق الرسالة، الجمعة 1434/2/22 هـ 2013/01/04 م العدد : 18153

 https://www.facebook.com/pages/الشاعر-الدكتور-عبد-الرحمن-العشماوي/[3]


[5]  https://www.google.co.in

0 comments:

إرسال تعليق