الاثنين، 29 أبريل 2013

الشعر العربي في الهند في القرن العشرين




الشعر العربي في الهند في القرن العشرين

بقلم الأخ: محمد علي الوافي 
باحث : مركز الدراسات العربية والإفريقية 
جامعة جوهرلال نهرو ـ نيودلهي ـ الهند
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الأمي أفصح العرب محمد صلى الله عليه وسلم، وآله وصحبه أجمعين. وبعد
إن الأدب دائما مرآة صافية تنعكس فيها الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، نعرف بوضوح أن الاختلافات الاجتماعية والاضطرابات الاقتصادية والانقلابات السياسية تؤثر الأدب في جميع البلدان.
كانت للهند علاقة مع العرب قبل دخول الإسلام في هذا البلد، و لكن كانت علاقة تجارية فقط، تعلم الهنود اللغة العربية لكثرة رحلاتهم إلي البلاد العربية في الشتاء و الصيف. حتى قدر بعضهم على إقراض قصيدة في الشعر العربي. وكذلك إن اللغة العربية لها أهمية خاصة لكونها لغة القران الكريم ولغة الأحاديث النبوية و لغة التي تؤدى فيها المناسك و المكتوبات. لذلك اهتم المسلمون خالص الاهتمام إلي تعليم هذه اللغة المرموقة، واعتنوا بها كل الاعتناء إلي أن تفوقوا في تعليمها و ترويجها
  فيعد الشعر العربي الهندي شعرًا مطبوعاً أصيلاً من ناحية وفرة الصور الإبداعية والمعاني الخيالية، والشعر الهندي  يعتبر ثروةً أدبيةً قيمةً في تاريخ الشعر العربي، وقد اعتنى به أصحاب النقد والتاريخ، فاعترفوا بعلو كعبه في الشعر العربي،

وإذا تقرأ الكتب الأدبية، فتجد كما هائلا من الشعر قد كتبها أدباء ينتمي إلى شبه القارة الهندية. ولم يسجل التاريخ الأدبي كثيرا من  أعمالهم ومساهماتهم إلى الأدب العربي مع أن أعمالهم لا ينحصر في آلاف من الصحفات. وحينما نقرأ أية قصيدة للشاعر الهندي نرى يجري في قصيدته مجرى الفحول من الشعراء، ها هوذا أمامنا شاعر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير يكتب لاميته المشهورة "بانت سعاد" وفي الوقت نفسه  نرى القاضي الكندي يمشي ممشاه في لاميته المشهورة لامية الهند.
الشعر العربي في الهند
ومن أهم السمات التي يمكن ملاحظتها على العربية وشعرائها في شبه القارة الهندية ما يلي:
أ- غلب الاهتمام بالعلم الشرعي على أكثر هؤلاء الشعراء، فمنهم المحدث والمفسر والأصولي والفقيه، ويندر أن نجد من بينهم من غلب عليه الأدب، ومن النوع الأخير تبرز شخصية شيخ الأدب «محمد إعزاز علي» (ت 1374هـ/ 1955م) صاحب حاشية «السحاب الصيب على ديوان أبي الطيب»، و«حاشية الفراسة لمن طالع ديوان الحماسة»، و«نفحة العرب، والواقعات المحيرة للبلاغة العربية».
ب- التقليد واقتفاء أثر الشعراء السابقين، وما يتبع ذلك من الركاكة، مع فخامة الألفاظ وغرابتها في أحايين كثيرة، حيث بدا الشعر القديم نموذجًا لا يقصر الشاعر الهندي في احتذائه، حتى في موضوعاته وطرق تعبيره، فانحصر أغلب شعرهم في المدح والرثاء. ولعل من أسباب الضعف الذي عانى منه أكثر هذا الشعر أيضًا - إضافة إلى غرابة لغة القريض على طباعهم - أن الشاعر الهندي الذي كتب بالعربية كان منغمسًا في العلم والتعليم، فانعكس ذلك في شعره. ويمكن أن تلاحظ على شعراء العربية في شبه القارة أن أسلوبهم العربي - في الشعر والنثر على السواء - يجود أحيانًا بشكل ظاهر لا مرية فيه، إلا أنه يسقط أحيانًا أخرى في حضيض الركاكة والصنعة، ويعز أن تجد فيهم خلال القرنين الأخيرين من يكتب على الدوام عربية خالصة لا عجمة فيها.
جـ- كثير من شعراء شبه القارة مقلون في نظم الشعر العربي بالقياس العام لكثافة الإنتاج الشعري بالنسبة إلى متوسط أعمار الشعراء، وقياسًا إلى عموم نشاطهم الثقافي والعلمي، ومن هنا خلا شعر الهند العربي من فحل ينضم إلى قافلة كبار الشعراء ذوي اللسان العربي.
د- كتابة الشعر بلغات أخرى (الأردية والفارسية خاصة) يكاد يكون وصفًا عامًا لجميع شعراء شبه القارة، مع تفاوت مستوى الإبداع لديهم من حيث كونه مطبوعًا أو مصنوعًا من لغة إلى أخرى - وهي مسألة جديرة بدراسة خاصة، أعني تفاوت مستوى شعر الشاعر الواحد حين يكتب بأكثر من لغة، وهو أمر يمكن ملاحظته حين نقارن شعر عبد الرحمن الرومي الذي كتبه بالعربية مقارنة بروائعه الفارسية، بل يمكن أن نلاحظه حين نقارن إبداع أحمد شوقي للشعر العامي بما سطره في تاريخ الأدب من روائع الفصحى.
ومن أشهر شعراء شبه القارة الهندية الذين أبدعوا شعرًا عربيًا: ولي الله الدهلوي صاحب كتاب «حجة الله البالغة»، وغلام آزاد البلجرامي الشهير بحسان هندوستان، والأمير العالم صديق حسن خان، والشيخ أنور شاه الكشميري أحد علماء ديوبند المشاهير.
واللافت للنظر هنا التقاء أصحاب الاتجاهات الفكرية والدينية المختلفة في شبه القارة الهندية على قول الشعر بالعربية، على اختلاف وتفاوت بينهم في القيمة الفنية لهذا الشعر وفي كميته


0 comments:

إرسال تعليق