الاثنين، 29 أبريل 2013

تأثير الحرب الأهليّة في أسلوب هدى بركات


بقلم: محمد أسلم الوافي، ، جامعة جوهر لال نهروـ نيودلهي

هدى بركات هي إحدى الأصوات الأصلية العربية الحديثة قضت أغلبيّة أوقاتها في لبنان ثم انتقلت الى بارس حيث تتوظّف الى حين ما نتكلم عنها. وأعمالها قد ترجمت الى عديد من اللغات العالمية من الانجليزية والفرنسية العبرانية والإيطالية والأسبانية والتركية والألمانية والإغريقية. هدى بركات مع أنها الآن في بارس وامتزجت عناصر حضارة بارس وثقافتها بدمها ولحمها وتتقن اللغة الفرنسية تكتب وتستمرّ في كتابة روايات في اللغة العربية وتجيب عندما سئلت عنها في مقابلة في بريطانيا خلال زيارتها هناك "أنا أكتب اللغة الفرنسية ولكن أحب اللغة العربية وأنا عاجزة أيضا عن تصوير نفسي بحقيقتها في الفرنسية ولو أخذنا على سبيل المثال، نحن العرب نقول كلمة "آه" عندما نتجرّع بالألم ولكن لا يمكن أن تنقل هذه الكلمة بعاطفتها الى غير لغتك وهناك لغة في صميم فؤادك وقلبك وذلك لغة جسمك أيضا ولو أوثر غير هذه اللغة لا يمكن أن أكتب".
نبذة عن حياة الروائية هدى بركات
الروائية هدى بركات ولدت سنة 1952 وتخرّجت من جامعة بيروت سنة 1975 في الأدب الفرنسي وصارت معلّمة في جنوب لبنان لسنة واحدة وبعد بداية الحرب الأهلية انتقلت الى "بشار" في الشمال وخلال 1975-1976 غادرت بلادها الى بارس للحصول على الدكتوراه ولكن الحرب الأهلية ألحّتها للرجوع الى لبنان حيث توظّفت معلمة وصحافية ومترجمة.
وأوّل عملها لقي الضوء هو مجموعة قصصية باسم "الزائرات" سنة 1985 وروايتها "حجر الضحك" نالت على جائزة الناقد و"حارث المياه" على وسام نجيب المحفوظ  للأدب في 2001 ولها أعمال من "أهل الهوى" و"سيدي وحبيبي" و"رسائل الغريبة" وهي تعمل الآن لمحطّة إذاعة راديو في اللغة العربية في بارس.
ومما لا يشك فيه أحد ولا يختلف فيه اثنان أن هناك خسائر ضخمة للحروب والجوانب السلبية التي لا تحصى ولا تحدّ وفي نفس وقته أن الحروب والكوارث والدواهي أخصبت مجالات الفنون خاصّة حقول الأدب وصارت أعمال الأدباء أكثر بيعا في المتاجر والمكتبات ونالوا حظوة عظمى فالحروب جعلتهم أغنياء كما جعلت ضحاياها الفقراء والمعدمين والحرب الأهلية اللبنانية تعتبر من أبرز الحروب الأهلية التي نشبت في القرن العشرين واستمرّت لأكثر من عقد من الزمان وأكلت بنيرانها الأخضر واليابس وجادت قريحة الأدباء والكتّاب بالكثير من الأعمال الروائيّة التي أثرت المكتبة العربية وساهمت في التعريف بخفايا هذه الحرب من الناحية الاجتماعية والسياسية و الأعمال الروائية التي تناولت موضوع الحرب الأهلية اللبنانية لكتاب لبنانيين وغير لبنانيين كثيرة
الحرب الأهليّة في سطور أعمال هدى بركات
أن صاحبتنا هدى بركات التي هي على مائدة بحثنا الآن تتظلّل في سطورها وكلماتها بل في حياتها ظلال الحرب الأهلية اللبنانية وأشعالها النيرة التي لا تزال تشتعل في أعمالها كما في قلبها، وهذا من الواضح عندما يقلق قلبنا وفؤادنا شيئ تجرّبنا أم شاهدنا أم سمعنا عنه يتأثّر في كل عملنا خاصة في كلامنا وكتابتنا  وهذا في بعض الأحيان يحوّل أفكارنا الى غير ما نهتمّ بها ويغلب علينا في كل حركاتنا وسكناتنا ونكون معها وفيها ومشغولا عن سائرها.
وهذه الروائية تأثّرت فيها كثيرا الحرب الأهلية اللبنانية الدامية وممكن ترى في كل حروفها لون الدم وتسمع صوت القنابل والقذائف منها.
هدى بركات فوق أنها إحدى الروائيات العربية أنها تحتفظ على بعض القيم والمبادئ أيضا والعناصر التي تجعل أعمالها حيّة يقظة مرهفة بأنها لا تخيّل الأبطال ولا تقلّد قدمائها بل تسير على مسيرة حرّة تسوّد بياض صفحاتها بما تخطر ببالها من الأمور التي ألمّت بقلبها من الآلام والأحزان مع أن الحرب الأهلية تلعب دورا أكبر في هذا السياق وفي الوهلة الأولى يخيّل إلينا حتى عناوين رواياتها تتداول رسالة دمويّة بل كما تبقى ذلك من ألفها الى يائها.
وأضع هنا بعض المقاطع التقطت من حجر الضحك لأن أزوّدكم وأمتّعكم بالعلم وأدلّكم على عمق تأثّر الحرب في قلب الروائية هدى بركات.
"أعرف أنه كان صديقك..صديق حميم..أفهم حزنك عليه ووحشتك دونه..ولكن من منا لم يفتقد شخصا عزيزا في هذه الحرب اللعينة...منذ الحادثة أتت...لا أحد يراك...أعني مكوثك في البيت..."(ص:59)
"لا يزورون قبره ..لا يرفعون من البيت ثيابه المدماة، لا يحلقون ذقونهم لا يسيرون في الطرقات ولا يستقبلون المعزين الا بعد أن يأخذوا بثأره...بعدها يموت الميت فيصبح الحداد عليه شرعيا.." (ص:60)
"لأن كل الناس تلعن المسلّحين يعتبرونهم زعرانا بلا تربية يقتلون وينهبون ولكن أنا ما شأني.." (124)
وفي الخلاصة أن روايات هدى بركات كانت إحدى القنابل انفجرت إثر الحرب الأهلية وفيها ضحايا وفيها آلام وفيها أرامل الضحايا والمعدمون ومنها تسمع أنين المتألّمين وعويل المتجرّحين والأصوات المخوّفة للقنابل والقذائف وإليها تجذب الانتباهات.
هدى بركات فوق أنها إحدى الروائيات العربية أنها تحتفظ على بعض القيم والمبادئ أيضا والعناصر التي تجعل أعمالها حيّة يقظة مرهفة بأنها لا تخيّل الأبطال ولا تقلّد قدمائها بل تسير على مسيرة حرّة تسوّد بياض صفحاتها بما تخطر ببالها من الأمور التي ألمّت بقلبها من الآلام والأحزان مع أن الحرب الأهلية تلعب دورا أكبر في هذا السياق وفي الوهلة الأولى يخيّل إلينا حتى عناوين رواياتها تتداول رسالة دمويّة بل كما تبقى ذلك من ألفها الى يائها.

0 comments:

إرسال تعليق