الاثنين، 29 أبريل 2013

تميم البرغوثي : الناسج قلبه على قضايا الأمة

http://arabicuniversitycollege.yolasite.com/resources/Journal/Asima_3/23.pdf
تميم البرغوثي : الناسج قلبه على قضايا الأمة
                 (محمد علي الوافي كرواتل- محاضر كلية بافقيه للآداب والعلوم الإسلامية بولونور – ملابرم )
" لقد أبدع تميم البرغوثي في معارضته لمعلقة عمرو بن كلثوم أيما إبداع، فعمرو بن كلثوم الجاهلي كان ملتزماً في معلقته بقبيلته وقومه، وتميم الفلسطيني كان ملتزماً في قصيدته بقضية شعبه وأمته فالظروف قد تشابهت عند كلا الشاعرين، فهذا هو السبب في نجاح تميم وتفوقه على سائر زملائه الشعراء"[1]
نبذة عن الشاعر
           هو شاعر عربي ولد بالقاهرة عام 1977 مولودا وحيدا للشاعر مريد البرغوثي وللروائية المصرية رضوى عاشور وقد حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن بأمريكا سنة 2004م وزاول مهنة التعليم والتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة حيث عمل هناك أستاذا، وفي الجامعة بَرلين الحرة فعمل هناك محاضرا، وعمل أيضا بقسم الشؤون السياسية بنيويورك وفي بعثة الأمم المتحدة في السودان كما عمل باحثا في العلوم السياسية بمعهد برلين. وهو الآن، على أساس المعلومات الأخيرة، يشغل منصب الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة جورج تاون بواشنطن.
أهم قصائده ومؤلفاته :
·         ميجنا، عن بيت الشعر الفلسطيني برام الله عام  1999 وهو ديوان منشور باللهجة الفلسطينية
·         المنظر، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2002 وهو ديوان منشور باللهجة المصرية
·         قالوا لي بتحب مصر قلت مش عارف، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2005 وهو ديوان منشور باللهجة المصرية
·         مقام عراق، عن دار أطلس للنشر بالقاهرة عام  2005وهو ديوان منشور بالعربية الفصحى
·         في القدس، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2009 وهو ديوان منشوربالعربية الفصحى   
له كتابان في العلوم السياسية: الأول باللغة العربية بعنوان الوطنية الأليفة: الوفد وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار صدر عن دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة ، عام 2007، والثاني باللغة الإنجليزية: The Umma and the Dawla: the Nation state and the Arab Middle East) عن مفهومي الأمة والدولة في العالم العربي صدر عن دار بلوتو للنشر بلندن ، عام 2008.
ازدادت شهرة هذا الشاعر إثر اشتراكه في برنامج أمير الشعراء الذي أذيع على تلفزيون أبوظبي مؤخرا، عرف بحضور القدس الدائم في شعره وانتصاره لقضية شعبه، والآن يعد هذا الشاب شاعر المأساة الفلسطينية ، لأنه يمثل حزن الأمة وأنينها في شعره بعد محمود درويش . وتلقى شعبه قصائده باهتمام بالغ وقبول حسن
قضية الأمة في شعره
          القصيدة "في القدس" من أهم القصائد التي يشتمل عليها ديوانه "في القدس" ويتحدث فيها الشاعر طولا عن فلسطين، وقدسها بشكل خاص، ويعبر فيها عن غضبه على السياسة الاستعمارية وعن شوقه الى القدس وعن أشجان أرضه وأهلها فيستهلها بأبيات تثير في قلوب القراء والمستعمين انطباعات وطنية حزينة  بل هي ثورية قائلا :-
مررنا على دار الحبيـب فردنــا               عن الدار قانون الأعـادي وسورهــا
فقلت لنفسـي ربمــا هي نعمــــة               فماذا ترى في القدس حين تـزورهـا
ترى كل ما لا تستـطيع احـتماله               إذا ما بدت من جانب الدرب دورها
وما كل نفس حين تلقـى حبيبـها               تسـر ولا كـل الـغـبـاب يـضيـرهـــا
فإن سـرها قبـل الـفـراق لــقاؤه               فـليـس بـمأمـون علـيها ســرورهـــا
متـى تبـصر القدس العتيقة مرة               فسـوف تـراها العين حيـث تـديرهـا
           يعرب الشاعر عما شعر حيث حظر عن الدخول في القدس كأنه يقص لنا طرفا من حياته بل هو في الواقع طرف مؤسف للغاية من حياة جميع الفلسطينيين. وفي غضون هذا، يحلي الشاعر كلامه بفلسفة خاصة "وما كل نفس حين تلقى حبيبها         تسر ولا كل الغياب يضيرها".
ويقنعنا أن كل ما يوجد في مدينة القدس من حجر وأشجار ينطقنا بأشياء عديدة إذا سألناه
" فكل شيء في المدينة
ذو لسان، حين تسأله، يبين"
ويقدم لنا القدس مكانا وحيدا تداعت فيه المتناقضات على ممر العصور رغم محدودية ساحتها المكانية ويودعها الشاعر في قنة القدسية باستخدام قوته الإبداعية الرائعة حيث يقول:-
"في القدس لو صافحت شيخا أو لمست بناية
لوجدت منقوشا على كفيك نص قصيدة
يابن الكرام أو اثنتين"
يعني أنك تلفي كفيك منقشوتين بقصيدة أو قصيدتين ان صافحت شيخا أو مسست مبنى في القدس.
ويظهر حماسته الوطنية المكنية فيها اللوعة الناتجة عن اعراض كتب التاريخ عن أهل فلسطين الحق:-
"في القدس تنتظم القبور، كأنهن سطور تاريخ المدينة والكِتابُ ترابها
الكلّ مرُّوا من هُنا
فالقدس تقبل من أتاها كافرا أو مؤمنا
أمرر بها واقرأ شواهدها بكل لغات أهل الأرض
. . . . . . . .      . . . . . .  . . . . .
فيها كل من وطئ الثرى
أرأيتها ضاقت علينا وحدنا"
ويعلن الشاعر بشكل رمزي في قصيدته "ذنوب الموت"، أن القوى المستعمِرة  أو الظالمة لا تنجو أبدا من الفساد والفناء  لأنه لا يوجد أحد يجامله القدر والمنية فيفلت من قبضتهما المحكمة ويبدو في البيتين التاليين يجيش الهمّ في صدر الشاعر:-
عزائي من الظلام إن مت قبلهم               عموم المنايا ما لها مَن تُجامله
إذا اُقصد المـوتُ القتـيــلَ فـإنـه               كذلك ما ينجو من الموت قاتله
   وفي نفس القصيدة، يرسُم مأساة فلسطين وواقعها المؤلم بشكل يحزن الشعب الفلسطيني والعالمين معا و يثير ثائرتهم ضد العدو الألد المستعمر:- فنجد لسانه الذَلْق ينطق بكلمات تالية حديدة:-
ترى الطفل من تحت الجدار مـنـاديـا         أبي لا تخف ــ والموت يَهطِل وابِلُه
ووالــده رُعــبــا يــشـــيـــر بــكــفــه وتعجـز عن رد الرصاص أنـامــلُـه
عـلى نـشـرة الأخـبــار في كـل لـيـلة          نـرى موتـنا تـعلـو وتهوي مـعـاولـه
لـنــا يـنسج الأكـفــان فـي كــل لـيـلة          لخـمـسـين عـاما ما تـكـلُّ مـغـازلــه
أرى الموت لا يرضى سوانا فريسة          كــأنـا ـــ لـعمـري ـــ أهـلـه وقـبائله
وكذا نرى هذه المأساة الأليمة الوجيعة  التي وقعت إثر احتلال أمريكي في بلاد العراق منعكسةا في قصيدته "مقام عراق" حيث يقول بعد اليأس والقنوط :

كُفّوا لسـانَ المراثـي إنها تَـرَفُ عن سائرِ المـوتِ هذا المـوتُ يختلفُ
وضَمّـِدُوا النخلَ سَبـْعاً إنه زمـنٌ للحرب لا السِّلْمِ فيه يُرْفَعُ السّـَعَفُ
ضَـلَّ الكَـلامُ وضَلَّ المهـتدونَ به إن الصـفاتِ خِيـاناتٌ لمـا تَصِـفُ
المـرءُ سـِرٌّّ ووَجْـهُ المَرْءِ يـكتُمُهُ تَحتـارُ هَلْ عرفوا أم بَعْـدُ ما عرفوا
تُخْبِـرُهم فَتَرى في صمـتهم خَدَراً كالشيـخِ عَزَّاهُ عن قَتْـلِ اْبْنِهِ الخَرَفُ
إن يصـبروا لا تُصَدِّقْ أنهم صَبَرُوا أو يضـعفوا لا تُصَـدِّقْ أنهم ضَعُفُوا
يا من تصيـحونَ يا وَيْلِي ويا لَهَفِي واللهِ لم يـأْتِ بعدُ الوَيْـلُ واللَهَـفُ
هذِي المصـيبةُ لا يرقى الحِـدادُ لها لا كـربلاءُ رَأَتْ هـذا ولا النَّجَـفُ
ويوازن المصيبة الواقعة على شعب العراق إثر احتلال الغربيين مع المصيبة الواقعة على الأمة في كربلاء حيث قتل فيها أفلاذ من الأسرة المحمدية ، بل يقول إن المصيبة الحالية في العراق وهي مصيبة غير مسبقة ، وإليه يشير حيث يقول " هذي المصيبة لا يرقى الحداد لها لا كربلاء رأت هذا ولا النجف "
وفي هذه القصيدة " مقام عراق" نرى الشاعرمتألما متأوها ، لأن الحقيقة الجارحة التي يراها في تربة بغداد ألجأته  إلى القول :

يا أبا الطَيِّب، قد كُنَّا أَخَذْنا عليكَ عهداً أن لا يجوزَ الشعرُ بَعْدَك،
كان الشِّعرُ سِرَّاً وأَذَعْتَهُ، قَمَرَاً أَنْزَلْتَهُ وفَرَّقْتَهُ على التلاميذ،
فأعطيتَ كُلاًّ منهم قطعةً عليها اْسمُكْ
لا يجاوِرُ شِعْرَك بعدَها إلا نثرٌ وإن اتَّزَنْ
فكيفَ سَمَحْتَ لذلكَ الهاوِي المبتَدِئ، المسَمَّى بالتاريخ
أن يكتُبَ كلَّ هذِهِ المراثي إِذَنْ
كيفَ سمحتَ لهُ أن يُلْزِمَ أبياتَكَ مَعْنَىً لم يكن فيها
ولوعة القلب متضحة حينما يرى حال الأمة التعسة في العراق المحتلة وفيه يقول الشاعر :

أم كنت تعني رأْيَ أهلَ الحسابِ والمنطق،
أنَّ من يملكِ الجنةَ يَعِشْ بينَ نارَيْن،
نارِ الدفاعِ عنها إن بَقِيَتْ،
ونارِ الندمِ على خُسرانِها إن ضاعت
وكذا يقول...

كنا دائماً معاً
أطعمتُ أطفالَكم وأطعمتُ قَتَلَتَهُمْ
وأنتم منحتموني أطفالاً وقتلةْ
أنا منبرُ الأمير
ولكنَّ الأميرَ منكم
أنا صليبُ الأشراف
ولكنَّكُم
حين صُلِبْتُمْ عَلَيَّ، صُلِبْتُ عَلَيْكُم
لستُ بَرِيئَةً من دَمِكُم
وَلستم أبرياءَ من دَمِي
رَأَيتم ورَأَيْت
ونَسيتم ونسيت
تَساوَيْنا في الجريمة
ولكنْ لم نَتَسَاوَ في العِقاب
سامحتكم ولم تسامحوني
هاجرتم وترتكتموني
وهذا الشاعر الموهوب لم يقف في شعره على الشعرية فحسب بل إنه يستمد من التاريخ كما نراه في قصيدة مقام عراق ، حتى يستمد من الحديث النبوي صورة مزركشة في نفس القصيدة حيث يقول "

إنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَقُول
"أكرِمُوا عَمَّاتِكُمُ النَّخْل"

يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
يا أُمَّةَ الأُمَّةْ
يا عَمَّةُ اْعْفِينا
صَعْبٌ تَلاقِينا
كم عِلَّةٍ فِينا
يا عَمَّتي جَمَّةْ
يا عمَّة يا عَمَّةْ

كَلَّتْ أَيَادِينا
عن تمرِ أَهْلِينا
يقولُ رَائِينا
بعضُ النَّوَىْ رَحمةْ
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ

واللهِ ما خانا
من ماتَ ظَمْآنا
لَوْلا مَنَايانا
لم نَخْفِرِ الذِّمَّةْ
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ

ياعمَّتي هاتي
نجمَ السَّمَاواتِ
أُسْمِعْهُ أنَّاتي
في النُّورِ والظُّلْمَة
يا عمَّةْ يا عَمَّةْ
فهذه القصيدة- مقام عراق- تقوم على بنية جميلة جدا، فالشاعر يمر سريعا ويلتقط التقاطات رائعة تاريخية ، ويعطي فسحة للذات، ذات الراوي، ليدون التاريخ من الأسفل في قصيدته .
وقد شارك الشاعر تميم البرغوثي في الثورات الداخلية التي اندلعت حديثا في الدول العربية والافريقية، بقلمه الأدبي ففي قصيدته لتونس يقوم باعلان ثوري:-
"إن الدماء ووسطَها شهداؤهم
عَلمُ البلاد هلالُه قتلاها"
ثم يحذِّر الحكام المستبدين:-
"فلتذكروا أنا نبيتُ بقُربكم
في ليلةٍ نِمتم وما نمناها"
ويضيف الى ذلك:-
"سئمت بلادُ المسلمين طغاتَها
فجِدُوا بلادا للطغاة سِواها"
ونجد في أعماله الشعرية صوت الإستهزاء تجاه الأمة ، وهو يظن أن من إمكان هذا الاستهزاء إيقاظ قلوب الغافلين والمتناومين ، وهو ينادي من حولهم ويطالبهم اليقظة والانتباه ، ونستطيع أن نلمس قلبه البائس والكئيب حينما يقول :
أرى الدهر لا يرضى بنا حلـفاءه              ولسنا مــطيقيه عدوا نصــاوله
فهل ثَمّ من جيل سيُقبل أو مضى             يــبادلـنــا أعـمـارنـا ونـبــادلـه
وكذا هذه السخرية والاستهزاء واضحة في قصيدته – أمر طبيعي – ويقول فيها :

أرى أمة في الغار بعد محمد تعود إليه حين يقدحها الأمر
ألم تخرجي منه إلى الملك آنفا كأنك أنت الدهر لو أنصف الدهر
فما لك تخشين السيوف ببابه كأم غزال فيه جمدها الذعر
قد ارتجف فابيض بالخوف وجهها وقد ثبتت فاسود من ظلها الصخر

يا أمتي يا ظبية في الغار ضاقت عن خطاها كل أقطار الممالك
في بالها ليل المذابح والنجوم شهود زور في البروج
في بالها دورية فيها جنود يضحكون بلا سبب
وترى ظلالا للجنود على حجارة غارها

فتظنهم جنا وتبكي : " انه الموت الأكيد ولا سبيل إلى الهرب "
يا ظبيتي مهلا ، تعالي وانظري ، هذا فتى خرج الغداة ولم يصب
في كفه حلوى ، يناديك : " اخرجي ، لا بأس يا هذي عليك من الخروج ".
ونسمع عويله في قصيدته هذه – أمر طبيعي- حيث يرى الشاعر أن هذه المهاجمة من قبل الأعداء لا ينقطع ما دامت الأراضي الإسلامية منعمة من المعادن البترول والغاز وغير ذلك من المعادن الطبيعي ، وفيها يقول :

يا أمنا ، والموت أبله قرية يهذي وسرق ما يطيب له من الثمر المبارك في سلالك
ولأنه يا أم أبله ، فهو ليس بمنته من ألف عام عن قتالك
حتى أتاك بحاملات الطائرات وفوقها جيش من البلهاء يسرق من حلالك
ويظن أن بغزوة أو غزوتين سينتهي فرح الثمار على تلالك

وقد توجد في أشعاره الآخر نبضات قلبه متعمالة مع قضايا الأمة مثل أشعاره ، حديث الكساء ، ففي ساعة يفديك قولي وقائله ، أمير المؤمنين ، أيها الناس ، نفسي الفداء لكل منصر حزين،بيان عسكري ، إن سار أهلي فالدهر يتبع ، الحمامة والعنكبوت .

-----------------------------------------------------------------------

أهم المراجع :
1 http://elkalima-elhorra.ahlamontada.com/
2 ورقة : ألقاها  محمد شافع ( الباحث في جامعة جوهر لال نهرو بنيودلهي ) في المنتدى الأدبي
3 http://ar.wikipedia.org/wiki
4 http://tamimbarghouti.alafdal.net
5 http://www.al-ayyam.com
6 http://forum.stop55.com












[1] دراسة تحليلية لقصيدة تميم البرغوثي بقلم – أ محمد جرادات – جنين ( أستاذ وناقد فلسطيني )

0 comments:

إرسال تعليق