بقلم محمدعلي الوافي، الباحث مركز
الدراسات العربية والإفريقة بجامعة جواهرلال نهرو ــ نيودلهي
رواية أيام الماعز الصادرة عن مكتبة
آفاق الكويتية من بين الأعمال الأدبية اللافتة التي قدمها معرض الرياض الدولي للكتاب
في هذه السنة إلى القراء العرب هي رواية مثيرة للجدل وممنوعة المتدوال في السوق العربي.
وهي ترجمة عربية قام بها سهيل عبد الحكيم الوافي من كيرالا لرواية هندية جريئة مستندة
إلى قصة أليمة حقيقية تكشف عن مخالب نظام الكفالة القائم في الدول العربية، والرواية
ترينا البيئة العملية في صورة الأسى والحزن حيث يتجرب مشقاتها وطرقاتها الوعرة العمالة
الوافدة من مختلف أنحاء العالم خاصة من البلدان الآسوي.
هذه رواية مشهورة تم وضعها في المقرر
الدراسي بعدد من الجامعات والمدارس الثانوية في كيرالا، كتبها الأديب المليباري ’دانييال
بنيامين‘ من ولاية كيرلا بعنوان ’آدوجيفيتام‘ (الحياة الماعزية) في لغته المليالمية
(Malayalam)، وصدر
لها حتى الآن خمس وسبعون طبعة في لغتها الأصلية مما جعلها من أكثر الكتب نسخا وتداولا
لدى القراء في كيرالا، ثم في الهند عموما وخارجها كما يشهده إقبال القراء على ترجمتها
الإنجليزية والعربية، ورشحت ترجمتها الإنجليزية
Goat Days التي صدرت عن دار النشر Penguin
Books لجائزة Man
Asian Literary Prize ضمن
14 عملا أدبيا لكبار الكتاب أمثال ’أوخان باموق‘(Orhan
Pamuk) ، و’هيرومي كاواكامي‘ (Hiromi
Kawakami)، ولجائزة DSC
Prize for South Asian Literature بقيمة
50000USD ضمن
15 عملا أدبيا ولجوائز أخرى كثيرة في الهند وخارجها.
وهذه الرواية المترجمة عن رواية آدوجيفيتام
المليالمية (Malayalam) صارت ضمن قائمة المنع الطويلة أو ما يعرف بـــــــ
’القائمة السوداء‘ (Black List) في المملكة
العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وليست رواية أيام الماعز الوحيدة الفريدة
في جنسها إذ قامت الحكومة الخليجية والبلدان العربية في الشرق الأوسط قبل هذه بمنع
كثير من المؤلفات والروايات التي تخالف معتقداتهم وحضاراتهم. وإن القائمة للكتب الممنوعة
في البلدان العربية تشير إلى أن الأسباب للمنع محض ديني أو حضاري، وهذه القائمة السوداء
مليئة بالمؤلفات المكفرة أو المشيرة إلى ردة صاحبها عن التدين ، ويكثر في القائمة أيضا
ما له لون سياسي حيث لا تقبل معظم الحكومات الخليجية حرية الرأي والتعبير في الأمور
السياسية والاجتماعية. فأما أهم الأسباب الذي سبب لمنع هذه الرواية في السوق الخليجي
فإنما هو تجاوزه الخطوط الحمراء ــ كما يقولون ـــ في موضوعها، لأن هذه الرواية هي
أولى تجربة في نوعها إذ تلتقط الجانب المأساوي للحياة الاجتماعية في الدول الخليجية.
وهذه الدراسة تهدف إلى تحليل هذه الرواية التي قام بتأليفها وترجمتها الأديبان الهنديان
الذان تجرب كلاهما الحياة الخليجية في عيشهما. وتكشف هذه الورقة الحياة الاجتماعية
الخليجية التي تنتقدها الرواية خلال صفحاتها.
موضوع الرواية وخلفيتها
موضوع الرواية وخلفيتها
وموضوع الرواية، كما يكتب المترجم
سهيل الوافي على غلاف الكتاب، يدور حول عامل بسيط يدعى نجيب، باع كل ما يملك وسافر
إلى الرياض – السعودية في سبيل البحث عن لقمة العيش، واتفق أن وصل إلى مزرعة أغنام
في الصحراء المقفرة وعاش هناك غنما غير إنسان لمدة ثلاث سنوات تحت قسوة رب عمل بدوي
يضربه حتى على الاستنجاء بالماء. وكان هناك عامل آخر مجهول الهوية حاول الهروب فلم
يعثر إلا على عظامه، قتله رصاص ’الأرباب‘ (رب العمل). هرب نجيب يوما مع صديقين له
(هندي وصومالي) في مزرعة مجاورة.. ضلّوا الطريق في الصحراء.. رأوا الموت وجها لوجه..
مات الصديق الهندي.. أما نجيب فحمله الصومالي المفتول العضلات على أكتافه كما يحمل
المنديل المبتل.. أوصله إلى بر الأمان.. استعاد روحه.. رحّلوه إلى وطنه.. لقي بينيامين
كاتب الرواية.. حكى له الحكايات على برائة ولكن بينيامين اكتشف فيها روح رواية مثيرة..
حوّلها إلى أرض الواقع في ثوب رواية متكاملة.
إنها رواية مبدعة ولكنها ليست بمجرد
خيال مفتعل بل هي واقع مرّ – واقع مئات العمّال الوافدين إلى بعض دول النفط.
يقول الكاتب في ملحق النسخة الأصلية للرواية عن الدافع الذي دفعه إلى الكتابة:
"ذات يوم، لقيت صديقي ’سُنِلْ‘ يخبرني بالصدفة عن رجل يدعى نجيب.. بالنسبة لي،
كانت حكاياته حينها مجرد قصة من تلك القصص ’الخليجية‘ الكثيرة التي سبق لي أن أسمعها
بألوانها وأشكالها المختلفة.. فطبعًا ما أخذتها بعين الاعتبار. ولكن قرّرت يوما انقيادا
لإلحاح صديقي المتواصل أن أقوم بزيارة نجيب.. كان رجلا بسيطا، منقبض الوجه حين أجابني
على سؤالي عن تلك التجارب قائلا: "إنها مضت في بعيد الزمان.. وقد نسيتها كلها.."
ولكنني لم أزل وراءه ألحّه حتى أخذ يحاكي تلك الحياة بهدوء، وأخذتْ الأحداث التي كانت
تهجع في غياهب النسيان تتراءى نصب عينيه في صورة أرعبتني قساوتها. فيما بعد، تكرّر
زيارتي له مرارا.. استمعت إليه لساعات.. تمشّيتُ معه في دروب تلك الحياة المنسية أتفحّص
كل معالمها.. تَبيَّن لي أن جميع القصص التي سبق أن سمعتها كانت سطحية مبهمة بعيدة
عن وجه الحياة الواقعي.. ولم أكد أملك بعد ذلك إلا أن أكتب عنها.. ولم أكن في حاجة
إلى اختلاق خيال بعيد أو إلى تطريزات تزيد متعة القراءة، لأن حياة نجيب تستأهل القراءة
حتى بدونها. وهذه ليس بقصة نجيب بل كانت حياته كالإنسان الماعز"[1]
دائرة الرواية
تدور فكرة الرواية كما في أية رواية
مهجرية حول محور ’الحنين إلى الوطن‘ في قصتها
المستوحية، وفي ذات نفس الكاتب على حد سواء علما بأن الروائي دانيال بنيامين كان في الخليج ـ البحرين ـ منذ عام 1992م إلى عام
2013م. ويظهر هذا الانسجام العجيب بين شخصية الكاتب ومشاعره الاغترابية وبين شخصية
نجيب، بطل الرواية الحقيقي ليتولد في الرواية نجيب جديد يتكون من نجيب الحقيقي والكاتب
الذي يلاحقه كظل لا يفارقه إلى آخر الرواية أو حتى ما بعدها. لذلك نجد أن السَنة التي
نزل فيها نجيب في مطار الرياض / السعودية هي نفس السنة التي نزل بنيامين في البحرين
وعمره عشرون سنة، كما نرى أن الهجرة إلى الخليج هي أقوى ما تجمع بين الكاتب والبطل
على أرض الواقع.
كانت الهند في مقدمة تلك البلاد التي
أرسلت أبناءها إلى الخليج ليأتوا بخيرها لأسباب، منها العلاقة الحميمة بينهما منذ الأزمنة
السحيقة كما تشير إليه الوثائق التاريخية. وقد وصلت حركة الهجرة من الهند إلى الخليج
ذروتها في أواخر الثمانينات من القرن الماضي بفعل عوامل اقتصادية واجتماعية سادت وقتذاك
في ربوع الهند. وكانت لكيرالا الأسبقية في تلك الحركة خاصة للمسلمين فيها لأسباب دينية
وسياسية حيث إنهم لاذوا بالهجرة كفرصة ذهبية لتحقيق أحلامهم التي لم تعدو أن تكون ضمان
حياة كريمة لهم ولعوائلهم في أغلب الأحيان. وهناك ما يقارب مليونين ونصف مليون من العمال
المهاجرين إلى الخليج من كيرالا وحدها. وليس من قبيل المبالغة إن قلتُ أنه بعيد جدا
أن تلق بيتا في شمال كيرالا إلا وواحد أو أكثر من أعضائه يعمل في الخليج وتعول على
راتبه الشهري العائلة الكبيرة برمتها.
السرد في الرواية
لعل أول ما نلاحظه عندما نجلس إلى قراءة ’أيام الماعز‘ من الناحية
الأدبية هو السرد السلس والاقتصاد فيه، حتى ينمو الحدث الروائي من خلال ذلك السرد،
وينتهج المؤلف طريقة السرد الإخباري محركا شخصيته الرئيسية (نجيب) ومن حوله شخوص الرواية
الثانوية رب العمل (أرباب) وحكيم وإبراهيم القادري والأغنام. ولغة الرواية التي اختارها
لحكاية القصة سهلة، وهي خالية من التعقيد الفني في بنيتها السردية. وقد نجح المترجم
سهيل الوافي في إبقاء هذه الميزة التي لعبت دورها الفعالة في رواج نسختها الأصلية وشعبيتها
المتخطية حدود الطبقات الثقافية المختلفة. وذلك أنه يمكن لكل من يستطيع القراءة فهم
واستمتاع الحدث الروائي بشكل كلي من دون غموض، ولم يتطرق الكاتب والمترجم إلى لهجة
معينة، بل استخدم لغة متوسطة تستوعب جميع أصحاب اللهجات. ولما كان هدف الكاتب إيصال
رسالته إلى جيله ووطنه بأكمله، استخدم لغة خالية من التعقيد، أو لأنه كان يريد ان يوسّع
من دائرة قرائتها، وتمكّن بقدرة احترافية من الجمع بين الفكرة واللغة وفق أسلوب سردي
إمتاعي.
النقد الجريء على نظام الكفالة
ومن المعلوم أن العثور على النفط والبترول
حقق في الدول الخليجية طفرة كبيرة في مجال الاقتصاد الذي يرتفع بارتفاعه مستوى الحياة
الاجتماعي والفردي. وشهدت المنطقة تطورا سريعا في بنيتها التحتية وبيئتها المعمارية
فيما حول شعوبها إلى مجتمع يحتاج إلى خدمات الآخرين لقوام حياته، الأمر الذي فتح أبواب
المنطقة أمام الباحثين عن مصادر الحياة من الدول الثالثة والفقيرة لينتهزوا الفرص السانحة
في أسواق العمل فيها. وكنتيجة متوقعة، تمكنت الرفاهة من نزع كثير من الأخلاق المحمودة التي عرف العرب
بها والتي ورثوها عن دينهم الحنيف من المساواة والرحمة والضيافة والإنصاف وما إلى ذلك
من الخصال الحميدة فأصبحت تظهر فقط على حسب الجنسيات والمناصب.
وتعتبر أيام الماعز التجربة الأولى
في الروايات العربية في شكلها ومضمونها، والكلمة الصريحة إلى الأخ العربي المسلم تدعوه
إلى التغيير من واقع نمط تفكيره وأسلوب معاملته، لأن الكاتب يتجرّأ على نظام الكفالة
وينتقد في أسلوب جذاب بعض القضايا الرائجة المتعلقة به. تتمحور الرواية بتمامها حول
مأساة قل من التقطها في الرواية العربية الخليجية من خلال عرض نموذج للإنسان الممزق
بين الواقع والأحلام، وتسلط الرواية الضوء على رموز العبودية والقسوة في نظام الكفالة،
كعدم الحق للعامل في اصطحاب عائلته إلى مقر عمله، واستغلال طاقاته البشرية مقابل أجرة
زهيدة، وإجباره على ظروف عمل هي غاية في السوء،
مع الاحتجاز الرمزي لحرية العامل بإخفاء أوراقه الثبوتية وجواز سفره، وعدم سماحه بمغادرة
البلاد إلا بتصريح مسبق من الكفيل، ومنع نقل الكفالة، والتأخر عن الراتب وما إلى ذلك.
وهذا الموضوع الذي يتناوله الكاتب في الرواية لا نزال نسمع عنه في المجتمعات الخليجية
بعد أن كثرت هجرة العمال من مختلف أنحاء العالم، لكنه لم تجسده رواية عربية هذا الجانب
المأساوي المهجري.
ولا سبيل إلى الشك في أن المبالغة
من خواص الرواية الفنية المتكاملة كما نرى الروائي بنيامين يضخّم الجانب السلبي من
نظام الكفالة بينما يبرئ المترجم ذمته مما
رمى به الكاتب نظام الكفالة وعرب الخليج من الانتقادات والتصوير المبالغ فيه، إذ يقول
المترجم سهيل عبد الحكيم الوافي في كلمته "هذه الرواية مثل أي رواية من نسج الخيال،
ولكنها تمثل الحقيقة في قليل أو كثير، وإذا خيّل إلى أحد أنها تمثّل الحقيقة، فليس
إلا لأنها واقع في إطار معرفته، وإذا خيّل إلى آخر إن هذا إلا بهتان عظيم فليس إلا
لأنها غير واقع في إطار معرفته. وأنا كمترجم لست إلا راويا بريئا رجوتُ أن أنقل إلى
أبناء عقيدتي ما يروَّج عنهم لكي يكونوا بالمرصاد، معترفا بجميل عرب الخليج الطويل
العريض المتخطي حدود الأديان والأجناس. وأعتقد أني لا أكون مذنبا إذا أشرتُ ونصحتُ
والله من وراء القصد"[2] ومما لا مراء في ذلك أن الروائي دانيال بنيامين قد نجح
في رسم المعالم الحقيقية لتجربة إنسانية من نوع خاص، وعالجها بشيء من المبالغة السردية
الجميلة، حتى أمكن للكاتب أن يثير خلال هذه الرواية مشاعر القارئ العربية.
الحياة الماعزية
ويمكن القول بعد قرائة الرواية أن
الماعز حلّت محلّ الشخصية الثانوية، إذ إن الماعز هو الأنيس الوحيد لنجيب في فترة احتجازه،
ولعل عنوان الرواية أيام الماعز هو الرامزة الأولى إلى حياته الماعزية وتغيير كنهه
الإنساني والاكتساء بسلوكيات الماعز. "لقد أصبحت واحداً منهم"، يقول نجيب
بعد أن أُجبر على النوم في عزبة الغنم على روثها المبلل ببولها.
وقد أتى الكاتب بالماعز في محل الشخصية
الثانوية ليدين ويفضح ممارسات تلك الطبقات
العربية الثرية تجاه العمالة الوافدة من البلدان الفقيرة، لأن رب العمل (الأرباب) في
رواية أيام الماعز لا يجيز له الاستنجاء وتطهير البدن بعد أن صار الاستنجاء واجبا عليه.
ويرسم الكاتب ذلك العربي الذي نسي تعاليم حضارته ومعتقداته، ويظهر قساوته من قول نجيب:
"هناك ماء غزير في الخزان، سآخذ شيئا منه في دلو ثم آوى به إلى وراء كومة التبن
أو البريسم، هكذا فعلت، استترت بكومة التبن والبريسم وفي يدي دلو من الماء. وقبل أن
تقع عل دبري القطرة الأولى، وقع على ظهري سوط.. تكمش ظهري من تلك الضربة المباغتة على
حين غرة.. انتفضت ملتفتا في وله، فإذا بالأرباب وعيناه مندلعتان بالغضب، لم أفهم شيئا...
ما هي الجريمة التي اتكبتها؟ هل قصرت في شيء من عملي؟ وهل اجرحت شيئا ممنوعا؟ تكالب
الأرباب مختطفا الدلو والماء من يدي، قذفني بالشتائم في صوت عال.. وخلع حزامه يضربني
به، كلما حاولت أن أدفع ضرباته في شكل أو آخر زادني ضربا وشتما، حتى سقطت على الأرض،
فانصرف إلى الخيمة حاملا بيده الدلو. وكل ما فهمت من شتائم الأرباب وضرباته أنه يريد
أن يعلمني أن ــ هذه المياه لسقاية أغنامي... لا لتغسل بها دبرك.. أنت لا تعرف ثمنها،
فلا تأخذ منها شيئا لمثل هذه الأشياء الغير الضرورية مرة أخرى.. فإن عدت أن تلمسها
لأقتلنك..."[3] ومن هنا يتخذ الكاتب شخصية الرواية الثانوية وهي الأغنام ويرمز
خلالها إلى استغلال رب العمل، الذين يحرمون الاحتياجات الأساسية على العاملين ثم يبنون
قصورهم وأفخارهم من عرق هذه العمالة التي يسرقون قواها ويمتصون دماءها، فإنهم باختصار
أنموذج ’دراكولا‘ الذي يظهر في كل زمان ومكان بوجهه القبيح وسلوكياته الكريهة، وأنيابه
وأظفاره التي تنهش لحم الأبرياء والطيبين، بل صور الروائي دانيال بنيامين هذا العربي
الاستغلالي رمزا لدراكولا الجديد.
ومع هذا فإن نجيب قد تكلف الإيناس
والسلوان في وحدته وحاول أن يكتشف طوابع الإنسان في الأغنام ويربط خصائصها بما يستعير
به اسم دل على إنساني لكل رأس من القطيع آملا أن يصبغه بصبغة آدمية لكي يستأنس بجواره.
ويُحبّ أن يعتقد أن الحمل المولود ولده الذي كانت زوجته تحمل به حين غادر إلى الخليج.
"ضربت على جدران القلب أمواج عاتية من ذكريات منسية منذ أيام.. زوجتي زينب حامل..
ودّعتها وهي في حالة تتوقع فيها الولادة في كل لحظة.. ولم يبلغني بعده خبر من أخبارها..ولعل
هذا بشرى من الله إليّ مباشرة.. زينب.. زوجتي
الحبيبة.. قد ولدت اليوم..! أنجبت لي ولدا كما كنت أتوقعه.. بناء على هذا الاعتقاد،
سميت هذا الحمل الوليد نبيلا، الإسم الذي كنت اخترته لابني المنتظر.. نبيل..!"[4]
وهذه الفكرة المحورية في الرواية تتجلى
أكثر وضوحا عند الوداع قبل الهروب من "المَسَرة" (الزريبة)، "أستأذنكم
يا إخواني الأحباء... إذا استمررت هنا على هذه الحالة سأموت لاحقا.. لابد من الهروب..
ليس منكم بل من أقداري.. أحب كل واحدا منكم.. ولولا أنتم، لقد متُّ قبل زمان.. ولكنكم
أحييتموني.." ليس لي أناس أودّعه.. أنتم
كل الناس لي.. أنتم الذين شجّعتموني على الحياة طوال هذه الأيام.. امتناني لكم شديد
بعد الله تعالى.. بكيت مرة أخرى.." و"سمعت عبد الحكيم يناديني من البُعد..
خرجت من ’المَسَرة‘.. تعالى ثُغاء الأغنام كلها معا بالصراخ.. لكنني لم ألتفت.. ولو
فعلت، ربما لم أرحل من هناك...[5]"
وعلى أي حال فإن الرواية دعوة صريحة
إلى الأخ العربي لنقد ذاته وسلوكياته، ولكن تم منعها في كل من المملكة العربية السعودية
والإمارات العربية المتحدة بسبب أن الرواية تتجاوز في نقد الحضارة العربية والخليجية
كل النطاق، ويقولون إن هذه الرواية لم تهدف إلا إلى تشويه الحياة الاجتماعية العربية
الخليجية ونظام الكفالة، وصارت هذه الرواية في قبيل تلك المؤلفات المرتزقة بنسج المبالغات
والنفاق والأكاذيب حول نظام الكفالة والحياة الاجتماعية في الخليج. والجدير بالذكر،
وبالرغم من منعها عن أيدي الناس في السوق الخليجي فإن إقبال الناس على هذه الرواية
يكثر يوما فيوما، وتشير إلى هذا أن الرواية أيام الماعز جائت في القائمة[6] ’لستة كتب
الممنوعة في الشرق الأوسط ينبغي أن تقرأها‘
في موقع وايس الأمريكي (www.vice.com) مع الكتب
المشهورة المحظورة مثل ’أولاد حارتنا‘ للأديب المشهور نجيب محفوظ. وكذلك يشير الموقع
الإلكتروني لمكتبة بوك ديليفري (http://booksde.com/) في الإمارات العربية المتحدة إلى أن الرواية وصلت إلى القسم ’الأكثر
مبيعا‘ في سوقها الإلكتروني[7].
المصادر والمراجع
[1] الكلمة
الملحقة للرواية آدجيفتام لبنيامنين دانيال صفحة 200 مكتبة غرين 2008
[2] كملة
المترجم، أيام الماعز، مكتبة آفاق الكويتية 2014
[3] صفحة
64 رواية أيام الماعز
[4] صفحة
88، فصل 16 أيام الماعز، مكتبة آفاق 2014
[5] صفحة
156، رواية أيام الماعز
[6] http://www.vice.com/read/banned-books-week-and-middle-eastern-literature-923
[7] http://booksde.com/products.php?cat_id=17&lang=ar