الجمعة، 31 يناير 2014

خطبة عن الإمام البخاري رحمه الله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، أيها الأساتذة الأفاضل، وزملائي الأحباء، في هذه المناسبة العطرة، يحلوا لي أن ألقي إليكم كلمة أو كلمتين في وصف أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري.
إخوة الإيمان، سيرة العظماء من العلماء الأوائل هي القدوة المثلى والأسوة العليا، وإبرازها تحفيز وتشجيع لفتياننا وفتياتنا لنيل درجاتهم العلى، ها هوذا أمامكم كتاب تاريخ بغداد، وقلبوا أوراقها فيوجد فيه أنه رآه غير واحد في المنام يمشي خلف الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، كلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع البخاري رحمه الله قدمه في ذلك الموضع" يا للعجب فتلك قدوة وكرامة، فهل بعد هذه القدوة قدوة، وهل بعد هذه الكرامة كرامة؟
إخوة الإيمان، كان رحمه الله نحيف الجسم ليس بالطويل ولا القصير، ذاق اليتم كما هي سنة أكثر العظماء والنبلاء... كثيرا ما تدهشنا سيرته إذ يصحح للشيخ خطأه وهو ابن احدى عشرة سنة... حقا هو أمير أهل الحديث، لم يشهد التاريخ مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث. وانتشر علمه في الأمصار، واشتهر في سائر الأقطار، حتى أصبح حجة في أقوال سيد الأبرار.
إخوة الإيمان، كفى به فخرا أنه هو الكاتب والمدوِّن لأفضل الكتب وأصحها بعد كتاب الله، وابتدأ رحمه الله تصنيفه وترتيبه وتبويبه في المسجد الحرام مع غاية الدقة والورع، وإليه يشير حيث يقول" ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين".
إخوة الإيمان، وبوفرة علمه وكثرة علمه ورغبة اتباعه للسنة، بلغت الآفاق شهرته، وسابق العلماء عليه بالثناء... حتى قال يحي بن جعفر رحمه الله " لو قدرت أن في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم".
وكان في الإمام رحمه الله من الورع والتقوى ما يدعوا للدهشة والإعجاب، ويكفي ذلك قوله " إني لأرجوا أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا"... توفي رحمه الله ليلة عيد الفطر وعمره إثنان وستين، وطويت صفحة من صفحات العلماء العاملين، ولكن ضوءها ظل ينير الطريق للسائرين والعابرين.
إخوة الإيمان، أما آن لنا أن نتمسك بهديهم وقدوتهم، أما آن لنا أن نعتبر بعلمهم وعملهم وورعهم ، حتى نسلك مسلكهم، ونذهب مذهبهم... وفقنا الله لهذا وسامحوني في الختام أشكركم على حسن استماعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

0 comments:

إرسال تعليق