الثلاثاء، 7 يناير 2014

العلاقة الدبلوماسية في السيرة النبوية ـ العلاقة الدبلوماسية عند أمم أخرى

العلاقة الدبلوماسية عند أمم أخرى
بقلم: محمد علي الوافي ـ الباحث/ مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جوهرلال نهروـ نيودلهي

الهند
 الهند بلد في جنوب قارة آسيا. ويمتدّ تاريخ هذا البلد إلى أكثر من 7000 عاما قبل الميلاد. واستقرّت حضارة هذه الأمة في شاطيء النهر "سندو" وكانت سكّانها يعتمدون على الزراعة، كاما كانت حضارتهم تعدّ من إحدى أفضل حضارات الإنسانية [1]. وكان أوّل سكان هذا البلد " دراوديون " ثمّ جاء إثرهم  "آرييون " وكان آرييون من وسط آسيا وكانوا أكثر من دراوديون قوّة وإستعمارا.الهند هي مهد حضارة وادي السند، ومنطقة طريق التجارة التاريخية، والعديد من الإمبراطوريات. وأمّا إسم الهند فهو مشتقّ من إندوس، وهي مشتقة من الكلمة الفارسية الهندوس، من السنسكرتية سيندو، من التسمية المحلّية لنهر إندوس [2].
وكان المجتمع الهندي راكدا جامدا، كان هناك تفاوت بين الطبقات، وتمييز معيب بين أسرة وأسرة، وكانوا لا يسمحون بزواج الأيامى، ويشدّدون على أنفسهم في أمور الطعام والشراب، أمّا المنبوذين فكانوا يعيشون – مضطرّين – جارج بلدهم ومدينتهم [3].
وكان تقسيم سكّان الهند إلى أربع طبقات:
1- طبقة الكهنة، ورجال الدين، وهم " البراهمة ".
2- رجال الحرب، والجندية، وهم " شتريا ".
3- رجال الفلاحة، والتجارة، وهم " ويشيا ".
4-  رجال الخدمة وهم " شودر ". وهم أحطّ الطبقات، فقد خلقهم خالق الكون – كما يعتقدون – من أرجله، وليس لهم إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث وإراحتها.
وقد منح هذا القانون البراهمة مركزا ومكانة، لا يشاركهم فيها أحد، فالبرهميّ رجل مغفور له، ولا يجوز فرض جباية عليه، ولا يعاقب بالقتل في حال من الأحوال. أمّا شودر فليس لهم أن يكنزوا مالا، أو يدّخروا كنزا، أو يجالسوا برهميّا، أو يمسّوه بيدهم، أو يتعلّموا المقدّسة [4].
علاقاتهم الخارجية
أشهر مدينتين في حضارة وادي السند هما موهنجدارو (Mohenjo-Daro) في السند وهاربّا  (Harappa) في الـ بنجاب، ووجد علماء الآثار بقايا العديد من القرى الصغيرة الأخرى من إقليم كجرات الممتدّ من جنوب الهند إلى الهماليا في الشمال [5]. وكانت علاقاتهم تعتمد على التجارة التى إتخذوها كسبا لهم في معاشهم، ويعتقد العلماء أنّ التشابه القويّ بين حضارتي السند وبلاد ما بين النهرين  (دجلة، فرات) يرجّح قيام علاقات تجارية بحرية بينهما [6].
والطبقة الدينية التي بها تتميّز المجتمع الهندي عن غيره،  ظهرت بعد قدوم الآريون، أو عند بداية المجتمع الفيدا   (Vedic). وهذه المجتمع الديني قد تكوّنت، كما أشرت إليه،  من ثلاث طبقات أو بالتحديد من أربع طبقات، وهي طبقة الكهنة  (البراهمة)، والمقاتلة  (كشاتريا) والعامة  (ويشيا). وأشارت الفيدا  (Veda) والتواريخ المتأخرة إلى شعب أسود البشرة عرف بالداسا وهم أصل الهنود أو درويديا  (Dravidians ). وقد خاضوا في حروب متعدّدة ضدّ الآريون. ويبدوا أن الطبقة الوضيعة أو الطبقة المنبوذة  كانت هي الشودر المستعبدين[7].
وممّا يدل على علاقات الهنود بغيره من الأمم المجاورة له ظهور الفيدا  (Vedas) 1500- 1200 قبل الميلاد. والفيدا نصوص دينية معروفة لدى الهنود.والفيدا تقدّم معلومات كثيرة عن تاريخ الهند وسكانها في تلك العهد. والفيدا أربعة أقسام، هي: الأول: الريجفيدا  (Rig Veda )، والثاني: الساما فيد  (Sama Veda)، والثالث الياجور فيد  (Yajur Veda)، والرابع الآدرفا فيد  (Atharva Veda)[8]. ويعتقد أن ظهور الريجفيدا، وهي أقدمها، كان في القرن السادس قبل الميلاد[9]. وتشكل الفيدا لكل من الفلسفة والدين الهندوسين، وكانت هذه منتقلة شفويّا عن طريق أجيال الكهنة والعلامء قبل تدوينها.
واللغات اللتى تكلمت بها الهندوسيون تدلّ على أن لهذا الوطن علاقاته الخارجية مع غيرهم من الأمم المجاورة له، من الفارسي والإغريقي. لأنهم كانوا يتحدّثون باللغات الأجنبية مثل السنسكرتيية، والإيرانية القديمة والإغريقية، واللاتينية [10].
وكذلك الغزوات التي غزاها الملوك الفارسي والإغريقي، لها أثرها الواضح في تكوين المجتمع الهندي، وكانت الثروة والمدن الجميلة والقرى الغنية جذّابة إهتمام الغزاة الأجانب، ولذا يوجد في تاريخ الهند غزوة الإمبراطورالفارسي "قورش الشهير" الهند عام 530 قبل الميلاد، وأصبحت هذه المقاطعة من مقاطعات إمبراطورية قورش الأخمينية[11].وقد أعقب الفرس القائد الإسكندر الأكبر، ملك مقدونيا عام 326 قبل الميلاد.
وإغتنم تشاندرا جوبتا موريا هذه الفرصة  (فترة الإستقرار السياسي الذي بعد غزوالإسكندر الأكبر) فأخذ زمام البلد بصفته ملكا للمملكة ناندا الصغيرة عام 321 قبل الميلاد. وبعد ذلك تمكّن تشاندرا جوبتا موريا أن يهاجم الإغريق أحيانا، كما تمكّن أن يسيطر على مملكة "ماكدا" في وادي الجانج  (Ganja) وخضعت لسيادته أجزاء من ولاية السند. وأعقبه في الحكم عام 297 قبل الميلاد إبنه بندوسارا، وبذلك أصبح الموريون – خلال ربع قرن – يحكمون معظم الأراضي الهندية.
وكان لهذا الحكم الموريين أثرها الوضح في تكوين العلاقات الخارجية مع الآخرين، لاسيّما مع من يجاورون هذا البلد. ومن الموريين ملك أسوكا العادل التي إعتنق الدين البوذية خلال حكمه الهند، وهذا أدّى إلى إنتشار الدين البوذية في جزيرة الهند.
وممّا يلفت ملاحظتنا، انّ المجتمع الهندوسي كان راكدا وجامدا، لأنه  لمّا إستقرت قوانين وقواعد للدين الهندوسي مُنِع متّبِعوها من السفر عبر البحور، لأن الرِّحلات عبر البحور يعد من الأسباب التي يستحقّ غضب الآلهة الهندوسية.




مصر
منذ 250 سنة قبل الميلاد كانت هذه البلد موئلا للإنسان البدائي الذي كان يصيد الحيوانات، ويأكل النباتات، حيث كانت الحياة متعلقة بالنيل وما تحمل من الأسباب للمعيشة. وإسم مصر في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى مشتق من جذر سامي قديم قد يعني البلد أو البسيطة، وقد يعني أيضا الحصينة أو المكنونة، وقد عرفها العرب بإسم مصر[12].
منذ 35 ألف سنة قبل الميلاد تعرّضت هذه المنطقة للتحصر بسبب توقف هطول الأمطار. وقامت أول حضارة مصرية في منطقة البداري بالصعيد تقوم على الفلاحة والصيد وتربية الطيور والمواشي وصناعة الفخار والتعدين. أمّا الإسم الذي عرف بها الفراعنة موطنهم في اللغة "هوكميت" وتعني "الأرض السوداء"، كناية عن وادي النيل السوداء تمييزا لها عن الأرض الحمراء الصحراوية المحيطة بها. أما الإسم الذي يعرف به في اللغة الأوروبية وهو مشتق من الكلمة اللاتينية "إجبتوس".
ونشأت حول وادي النيل إحدى أولى الحضارات البشرية، تطوّرت مبكرا إلى دولة ذات حكومة مركزية إذ ظهرت بها مملكتان، مملكة في الشمال يرمز له بالتاج الأحمر، ومملكة في الجنوب يرمز له بالتاج الأبيض، وكان لكل مملكة ملكٍ وشعار وتاج خاص بها إلا أنه من غير المعلوم تحديدا التاريخ التي نشأت به هاتان المملكتان، أو أية تفاصيل كثيرة عنهما[13].


الدبلوماسي فى المصر القديم  (عهد الفراعنة)
وقد قسّم المؤرخ القديم الشهير لتاريخ مصر الفرعونية إلى ثلاثين أسرة حكمت مصرعلى التوالي. ولكن المؤرخون المحدثون قد قسّموا تاريخ هذا البلد إلى ثلاثة أقسام رئيسية، هي الدولة القديمة، والدولة الوسطى، والدولة حديثة.
أمّا الدولة القديمة بدأت مع إنتهاء مطر شديد أصاب مصر في العصر الحجري، حيث بعد إنتهاء المطر الشديد الذي أصاب المصر صارت المصر صالحة للحياة. فحبط الإنسان إلى وادي النيل، وإرتبط حياتهم بالنيل منذ ذلك الحين، حتى تعلّموا من مياه النيل ما يربيهم مادّيا ومعنويّا، من حيث إتخذوا جانب النيل مصدرا لحياتهم ومركزا لتجاراتهم ومعاملاتهم [14].
وتطوّت الحرف المختلفة المتصلة بحياتهم الزراعية لإشباع الحاجات الأساسية للإنسان. ومن ثم ظهرت القبائل والأقاليم والمقاطعات. وبعد هذا تشكلت في مصر مملكتان كبيرتان تُمثِّلان وجهي مصر البحري والقبلي، وقامت عدّة محاولات لتوحيدهما، حتى نجح ملك مينا حوالي عام 3200 قبل الميلاد في التوحيد الشمال والجنوب مؤسسا بذلك أول دولة في التاريخ تظهر كوحدة سياسية لها عاصمة وبها حكومة مركزية وجهاز إداري من جيش وشرطة، وتعليم وقضاء في عصر الدولة القديمة 2980-2475 قبل الميلاد [15]. ومن ضروريات هذا الظروف، أن تتشكل هناك صور قديمة للدبلوماسي  التي تمارسها العالم اليومي.
وفي هذه المرحلة التاريخية تطوّرت الحضارة المصرية، وتبلورت المبادئ الحكم المركز والإدارة، وشهد عصر هذه الدولة بناء أول هرم  (هرم سقارة)، وبداية بناة الأهرامات التي لا تزال أعجب العجائب في عيون الإنسان الحديثي.
أمّا في عصر الدولة الوسطى   2160-1580 قبل الميلاد[16]، وقد ساد البلاد الأمن والرخاء , وإزدهرت حضارتهم وإرتقى أسباب معيشتهم. والتراث الذي إكتشفه المهندسون المصريون المحدثون، يشير إلى أن حياتهم كانت في مستوى أرفع مما وجدت في حضارات الشرق والغرب وغيرها من الحضارات.
حسب الإشارات التي تشير بها المهندسون المصريون أن عصر الدولة الحديثة، قد إبتدأت منذ 1580 قبل الميلاد وإمتدت شهرتها إلى سنة 1150 قبل الميلاد. وشهد عصر هذه الدولة مجد مصر الحربي في عصورها القديمة، وإمتدّت إمبراطورية مصر من نهر الفرات شرقا، إلى الشلاّل  الرابع على نهر النيل جنوبا.
وفي عصر هذه الدولة الإمبراطورية، تمتعت مصر بثروة ورخاء ومجد منقطع النظير، وغدت عاصمتها طيبة مركزا للحضارة الإنسانية، وعاصمة للعالم تتدفّق عليها خيرات إفريقيا وآسيا وجزر البحر المتوسط. ويفد إليها كل عام رسل البلاد الذي تحت سلطتها[17]، ويحملون قدر إستطاعتهم الذهب والفضة ليرضوا بها مليكهم العظيم. وفي تاريخ هذه الدولة الإمبراطورية توجد علاقات موحية بين هذه المملكة وبين من يخضع لها من السلاطين المجاورين،  وكانت ممارستهم الدبلوماسية شاركت في توحيد مملكتهم تحت سلطة واحدة. وكثر الأعداد الوافدين إليها من الأجناس الأخرى لا سيّما من الآسيا واللبيا، وإستطاع قائد لبيي يدعى شيشنق عام 945 قبل الميلاد[18] أن يقضي على حكم الأسرة ويحكم البلاد.


الصين
الحضارة الصينية القديمة  إحدى أقدم الحضارات في العالم، حيث إزدهرت حول النهر الأبيض الخصب الذي يتدفق عبر سهل شمال الصين خلال أكثر من 6000 عام. وقام النظام السياسي في الصين على الأنظمة الملكية الوارثية، المعروفة بإسم السلالات[19]. كان أول هذه السلالات شيا حوالي 2000 قبل الميلاد. ولكن أسرة تشين اللاحقة كانت أول من وحّد البلاد، في عام 221 قبل الميلاد. وقد إنتهت آخر السلالات عند سقوط تشينغ، وذلك في سنة 1911 الميلادي مع تأسيس جمهورية الصين، من قِبل الكومينتاغ والخزب القومي الصيني.
وكان الفضل الذي به صار الصين أشهر الحضارات في العالم، يعود إلى عهودهم في الملوك الأسرية، التي عرفت بــ الأسر الحاكمة. وفي عهود الأسرة الحاكمة وصلت شهرة الصين أوجها وقمّتها الحضارية والسياسية. ومن مشاهير الأسرة الحاكمة التي حكمت الصين وشاركت في إرتقائها كبلد مستقل وهي كما يلي:
أسرة تشين
تشين، وهي أسرة من الأباطرة، حكمت الصين  (221-208 قبل الميلاد). وكان لها الفضل في توحيد البلاد وتأسيس أول إمبراطورية حقيقة، وتعدّ تشين من أعظم الأسر التي حكمت الصين، والتي كان لها أثر كبير في الحضارة الصينية. وقد تعزّزت وإزدادت قوة تشين في فترة حكم شانغ يانغ الذي قدم عددا من الإصطلاحات العسكرية من عام 361 قبل الميلاد وحتى وفاته عام 338 قبل الميلاد، وساعد أيضا في بناء رأس مال تشين[20].

أسرة هان
أسرة هان هي ثاني أسرة إمبراطورية في الصين، حكمت الصين من 202 قبل الميلاد إلى أن تفكّكت سنة 220 ميلادي. وتطوّت الهندسة والتكنولجيا في الصين، خلال فترة حكم الأسرة. تأسست حكم الهان سنة 206 قبل الميلاد، ووحّدت الصين تحت رايتها سنة 202 قبل الميلاد، كانت أول مدينة لها هي مدينة "تشانغن"  أول إمبراطور ليوبانغ، الذي عرف فيما بعد بـ الإمبراطور غاوزو. التى غيرت العاصمة إلى لويانغ 25-196 لاالميلادي ثمّ إلى زوتشانغ 196-220 الميلادي[21].
مملكة واي
وهذه المملكة المعروفة بإسم تساو واي، وهذه المملكة من إحدى الممالكة الثلاث التي كانت تنافس على حكم الصين بعد سقوط سلالة الهان وكانت عهدهم تمتدّ من سنة 220 الميلادي إلى سنة 265 الميلادي.وكان حكامها تساوهوان الذي توفي سنة 303 الميلادي. وبلغت فترة حكم المملكة 45 سنة بعدما قام الإمبراطور سيمايان حفيد سيمايي بـ الإطاحة بسلالة واي عام 265 ميلادي، الذي أسس بعد ذلك أسرة جين[22].
أسرة تانغ
أسرة تانغ تولّت حكم الصين بين عام 618 – 907 الميلادي، ويعتبر مؤسس هذه الأسرة الملكية هو الملك لي يوان وخلفه إبنه لي شي مين والذي حكم بين أعوام 626-649 ميلادي، وقد إشتهر هذا الملك بـ لقب الإمبراطور تاي سونغ والذي ساد في عصره الانفتاح السياسي والازدهار الاقتصادي، حيث عمّ الرخاء وازدهرت الزراعة والحرف اليدوية والتجارة، كما حصل تطور كبير في فنون النسيج والصبغ والخزف[23] وصناعة السفن، كما قامت علاقات تجارية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية واسعة مع مختلف بلدان العام القديم  مثل يابان وكوريا والهند وبلاد العرب والفارس[24].



[1] Britannica Encyclopedia, Vol:1,Page:16
[2] Wikipedia
[3]  السيرة النبوية: أبو الحسن علي الندوي ص: 38.
[4]  السيرة النبوية، أبو الحسن علي الندوي، ص:38.
[5] تاريخ الهند:  الموقع المعرّفة.
[6]  تاريخ الهند:  الموقع المعرّفة.
[7] تاريخ الهند:  الموقع المعرّفة.
[8]Britannica Encyclopedia, Vol: 3 Page:  2086.
[9]  تاريخ الهند: الموقع المعرّفة.
[10]  تاريخ الهند: الموقع المعرّفة.
[11]  تاريخ الهند: الموقع المعرّفة.
[12] Wikipedia
[13] Wikipedia
[14]  مصر في عهد الفراعنة: منتديات النخيلة.
[15]  مصر في عهد الفراعنة: منتديات النخيلة.
[16] مصر في عهد الفراعنة: منتديات النخيلة.
[17] مصر في عهد الفراعنة: منتديات النخيلة.
[18] مصر في عهد الفراعنة: منتديات النخيلة.
[19] Wikipedia
[20] Wikipedia
[21] Wikipedia
[22] Wikipedia
[23] الخزف: ما عمل من الطين وشوي بالنار فصار فخّارا.
[24] Wikipedia

0 comments:

إرسال تعليق